العالم يتغير سريعا من حولنا، وهذا يحتم علينا أن نغير من أنفسنا بين الفينة والفينة؛ لنسايره ونواكب تطوراته، وعلينا أن نعي جيدًا أنَّ من لم يتقدم يتقادم، لقد أصبح لزاما علينا التفكير خارج الصندوق داخل بيئات عملنا، وتحييد العديد من الأمور في سبيل استقطاب المبدعين واكتشاف الجدارات والكفاءات الوظيفية لدى الموهوبين والمتميزين في مختلف المجالات، وعلينا أن نسعى جاهدين لتعزيز ثقافة التميز والإبداع في جميع مؤسساتنا وقطاعات العمل المختلفة، وتمكين الأشخاص المبدعين من ذوي القدرات الخاصة؛ من أجل زيادة الإنتاجية وتحقيق الأهداف المنشودة وبلوغ الإنجازات، وتعزيز مبدأ التنافسية العالمية لدى معظم المؤسسات، وتقديم الدعم والمساندة لهم من أجل بلوغ الإنجازات وتحقيق أعظم الغايات.
ومما لا مجال للشك فيه أن العنصر البشري من الموظفين الأكفاء ذوي القدرات والمواهب الخاصة يعد كنزا حقيقيا لأية مؤسسة؛ لما له من دور مهم ومؤثر في تحقيق المؤسسة للغايات والأهداف المنوط بها تحقيقها، والسؤال المهم الآن: هل آن الأوان لكي نغير ثقافاتنا المهنية، ونطلق العنان لأنفسنا نحو التميز والإبداع، هل حان الوقت كي نفكر خارج الصندوق كما غيرنا؟!
إنَّ مصطلح «التفكير خارج الصندوق» من المصطلحات التي شاع استخدامها في الآونة الأخيرة، وتم تداوله على نطاق واسع في بيئات العمل المختلفة، وهو يعني ببساطة شديدة التفكير بطريقة إبداعية خارجة عن المألوف، أو التفكير بشكل مختلف أو غير تقليدي أو التفكير من منظور جديد، وغالبا ما تشير هذه العبارة إلى التفكير الإبداعي أو الابتكاري.
وقد ازدادت أهمية «التفكير خارج الصندوق» في المرحلة الراهنة؛ نظرا لأهميتها الكبيرة، وذلك لارتباطها بصورة وثيقة مع مستجدات الحياة في بلادنا وما شهدناه ونشهده يوما بعد يوم من تحديات وأمور عديدة تحتاج لجدارات وظيفية متميزة للتعامل معها، وتطويعها، وبلوغ الإنجازات وعبور التحديات مهما بلغت من مدى، وهناك العديد من الطرائق والإستراتيجيات التي يمكننا من خلالها إدارة مواهب الموظفين وجدارات العاملين، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
الخطوة الأولى تتمثل في ضرورة أن تقوم المؤسسات بعملية إدارة التغيير نحو بناء وتمكين الجدارات الوظيفية والكفاءات المهنية في أماكنها الصحيحة والمناسبة داخل المؤسسة والعمل على القضاء على الروتين والأعمال المهنية التقليدية والمتكررة بصورة كبيرة وإفساح الطريق أمام المبدعين والموهوبين من الموظفين الأكفاء وتعزيزهم بصورة مستدامة، ثم تأتي الخطوة الثانية والتي تتمثل في ضرورة تبني المؤسسة لثقافة التميز والإبداع والابتكار بصورة دائمة، وتشجيع الموظفين على التفكير دائما خارج الصندوق، وعدم الرضا عن الأعمال التقليدية أو الأعمال غير المتقنة، وبث روح الحماس بين الموظفين الأكفاء لضمان الحصول على مخرجات وممارسات مهنية متميزة، ثم تأتي الخطوة الثالثة وهي تتمثل في ضرورة بناء مجموعة من السياسات والقواعد واللوائح الداعمة لتحقيق التميز المهني داخل المؤسسة، وضرورة إلزام جميع الموظفين بالعمل وفقا لها بحيث تكون مرجعية واضحة أمامهم داخل المؤسسة، ثم تأتي الخطوة الرابعة وتتمثل في تحديد الكفاءات الوظيفية داخل المؤسسة بدقة، وتحديد أوجه المواهب والإمكانات والقدرات الخاصة لدى الموظفين، وتحديد كيفية الاستفادة منها بالصورة المثلى، ثم تأتي الخطوة الخامسة وهي أن تتبنى المؤسسة سقفا عاليا من الطموحات والإنجازات، والتي يمكن تحقيقها على المدى البعيد، وتشجيع الموظفين المبدعين بها على بلوغها والتخطيط لتحقيقها، ثم تأتي الخطو ة السادسة وهي تتمثل في تحفيز هؤلاء الموظفين الموهوبين من ذوي القدرات الخاصة على الاستمرار في تميزهم المهني وتشجيعهم دائما على التفكير خارج الصندوق، وإشراكهم في عمليات اتخاذ القرار، والتحاور معهم بصورة دائمة، والاستماع إلى أفكارهم ومقترحاتهم والثناء عليها، ثم تأتي الخطوة السابعة وهي تتمثل في إعداد برنامج مهني وتطويري طموح لهذه الفئة من الموظفين المبدعين لتعزيز قدراتهم بصورة مستمرة.