+ A
A -
استمعنا بالأمس إلى عدة كلمات في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر ميونيخ للأمن، في دورته الـ«54»، كان أبرزها كلمة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله.
قبل أن أتحدث عن كلمة صاحب السمو لابد من الإشارة إلى أن المؤتمر يناقش العديد من القضايا الأمنية الدولية والإقليمية، ومن بينها الملفات الشائكة في العالم العربي ومحيطه، بحضور دولي رفيع، يتمثل في رؤساء «21» دولة وحكومة، وأكثر من ثمانين وزير خارجية ودفاع، بالإضافة إلى نحو «600» مدعو من المديرين في شركات عالمية، والأكاديميين وممثلي منظمات المجتمع المدني.
كلمة صاحب السمو، أمام هذه النخبة من المسؤولين وصناع القرار على مستوى العالم، كانت بمثابة خريطة طريق جادة وموضوعية لسلة من الموضوعات المهمة والملحة، التي يواجهها الشرق الأوسط تحديدا، على اعتبار أن مشكلات العالم وأكبر التحديات التي يواجهها تأتي أساسا من هذه المنطقة المضطربة، والمبتلاة بالعديد من الأنظمة الديكتاتورية التي قادتها إلى ما نشهده اليوم.
خطاب صاحب السمو اتسم بالقيم والمبادئ، وهذه لها أهميّة عظمى في خطاباته، وفي نهج قطر ككل، على اعتبار أنه كلّما ارتقت الدول بقيمها ومبادئها دلّ ذلك على تطوّرها وازدهارها، وكلّما أهملتها زاد جهلها وتخلّفها.
كما اتسم بالثبات، لأن الثبات على المبدأ في المواقف دلالة على امتلاك الحق، والدفاع عنه، وهو بالتأكيد من أسمى وأشرف الواجبات التي تمسكت بها قيادتنا في مواجهة الحصار الغادر، وهذا دليل على الصدق والإخلاص، لذلك واجهت قطر الحصار، وتحملت تبعاته دون أن تفكر للحظة بالمساومة على سيادتها واستقلالية قرارها الوطني.
صاحب السمو قدم درسا في التحلي بالأخلاق الحميدة، والثبات على الحق، وإناء دول الحصار نضح بما فيه من سموم وأحقاد، ونترك الحكم للتاريخ وحده، ولكل الذين استمعوا إلى الخطاب السامي، ليدركوا جميعا الفارق بين الدول المسؤولة التي تصنع التاريخ، والدول المسعورة التي تعيش على هامشه.
خطاب صاحب السمو تناول «3» محاور أساسية، بدأها بالاتحاد الأوروبي، باعتباره المثال الذي يحتاجه الشرق الأوسط، في ظل الوضع السياسي والأمني الذي يشهده، والذي يجعله على حافة هاوية، ولابد من إبعاده عن هذه الهاوية بمساعدة المجتمع الدولي، وعبر البدء باتفاقية أمنية إقليمية، تجعل الاضطرابات في المنطقة شيئا من الماضي، وكان ذلك المحور الثاني الذي تناول، بشكل عميق وموضوعي ما يعصف بهذه المنطقة من اضطرابات، حيث الشعوب بدأت تفقد إيمانها بحكوماتها، ولا تجد وسيلة للتغيير سلميا، وقدم سموه صورة واضحة للمعاناة في العالم العربي، الناجمة أساسا عن أنظمة ديكتاتورية تحاول وضعه بين خيارين: الأمن، أو الحرية والكرامة وسط الفوضى، وفي هذا المحور تناول سموه قضية الإرهاب، مطالبا بضرورة توخي الحذر، حيث إن الظروف التي أتاحت لـ «داعش» سيلا من المجندين الطوعيين مازالت قائمة عبر استمرار المعاناة والظلم، اللذين يمهدان الطريق أمام تفشي ظاهرة الإرهاب.
المحور الثالث تناول الأزمة الخليجية، وأشار سموه في هذا الصدد إلى نقطة في غاية الأهمية؛ خلاصتها أن الحصار على قطر فاشل، والذين قاموا به مغامرون، قوضوا الأمن والأفق الاقتصادي لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، موضحا أن جيران قطر افتعلوا الأزمة الخليجية، وبعض هؤلاء من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، الذين كان يُعتقد، في وقت ما، أنهم عوامل استقرار في الساحة العالمية، لم يعودوا كذلك الآن، حيث أدت سياساتهم المغامرة إلى تقويض الأمن الإقليمي والأفق الاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي ككتلة استراتيجية.
وأكد أنه لو كانت العلاقات الإقليمية تسترشد بمبادئ الحكم الرشيد وحكم القانون لما تعرضت دول ذات موارد محدودة لابتزاز يملي عليها مقايضة سياستها الخارجية مقابل المساعدات، فيما رفضت ذلك دول أخرى وبقيت وفية لمبادئها.
وفي كلمته وصف صاحب السمو الحصار بالفاشل، وقال سموه إن قطر تغلبت على الحصار البري والبحري والجوي القائم منذ يونيو الماضي من خلال دبلوماسيتها، وعبر فتح طرق تجارة جديدة، وتنويع اقتصادها، مؤكدا أن قطر ظهرت أكثر قوة من الماضي.
وتابع أنه حتى في ظل الاضطرابات الإقليمية تبقى قطر واحدة من أكثر دول العالم سلمية، وقال إنها عززت وحدتها عقب الحصار وحافظت على سيادتها.
كما أشار إلى أنها واصلت التجارة مع العالم الأوسع، ولم تفوت شحنة واحدة من الغاز الطبيعي المسال خلال هذه الفترة، ووصف ذلك بالأمر الحيوي لبقية دول العالم، حيث إن قطر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي، وصادراتها تضمن استقرار إمدادات الطاقة العالمية.
وبعيدا عن قاعة مؤتمر ميونيخ، وعن النقاشات والكلمات الجادة والمسؤولة، الرامية إلى إيجاد حلول للأزمات، مارست دول الحصار، خارج المؤتمر، ما تتقنه، وهو التآمر وشراء ذمم الناس، للعواء والعويل وممارسة التشويش والتشويه، وعمل أي شيء يساهم في التقليل من صورة قطر، التي رأيناها في أحسن حال، وأبهى حلة، وزادها ثقة وثباتا أمام العالم كلمة صاحب السمو وهو يخاطب هذا الحشد الدولي من القادة والساسة والمفكرين.
استجارت هذه الدول بفتيات من أوروبا، وجلبت نحو «25» منهن للمشاركة في مؤتمر لتشويه قطر في مدينة ميونيخ، ونظمت لهن لقاء في فندق «تشارلز»، أحد أفخم الفنادق، حيث دعت فيه إلى فرض حصار تجاري على قطر.
وقد استجلب المنظمون فتيات من دول أوروبية، وقدموا لهن مبالغ مالية نظير المشاركة والإدلاء ببعض التصريحات.
وقالت ماريا، وهي إحدى المشاركات، خلال مداخلتها «أنتهز هذا المؤتمر اليوم لأعلن أني فوجئت بما تقوم به قطر، وأعتقد أنه يجب على ألمانيا وأوروبا وكل العالم أن يوقفوا ذلك بأي طريقة».
لا أدري إن كانت «ماريا» تعرف عن أي شيء تتحدث، هي عبارة طلبوا منها حفظها وترديدها، ولأن حبل الكذب قصير فقد وثقت الكاميرات بالصوت والصورة اعترافات بعض المشاركات بتلقي أموال، وعدم علمهن بما يجري من حولهن، حيث أقرت ماريا وزميلات لها بتلقي أموال مقابل الحضور والمشاركة في المؤتمر.
دول الحصار ارتكبت، عبر تنظيم هذا اللقاء، جرائم بحق المرأة، عن طريق استخدامها بطريقة مهينة، وقد اعتقدنا أننا بتنا نعرف حدود انحطاط هؤلاء المتآمرين، لنكتشف أنهم قادرون على مفاجأتنا مرة تلو المرة، وأنهم يملكون من الصفات السيئة ما يصعب جمعه وحصره.
لن أقف كثيرا أمام هذه الصورة القاتمة، وهذا اللقاء المشبوه، وأمام صرف أموال الشعوب بهذه الطريقة التي تنطوي على استهتار وتهور ومراهقة، فكان حرياً بهم، إن كانوا غير قادرين على التعلم، ولا على الاستفادة من العبر والدروس، أن يقوموا بمتابعة أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن، والكلمات المهمة التي ألقيت في جلسته الافتتاحية، وما تتضمنه أعماله من مناقشات وجلسات مهمة للغاية، بدلا من الركض واللهث خلف أعمال صبيانية طائشة، كجلب فتيات وتجنيدهن لتشويه صورة قطر.
هذه الألاعيب السفيهة تهدر المال والوقت والجهد، وتزيد الجاهلين جهلا، وقد أدرك كل من شهد هذا اللقاء الساخر للفتيات إلى أي مدى انحدر هؤلاء الصبية، وإلى أي مدى بلغ عندهم سوء التقدير ودناءة التفكير، وأعتقد أن ما فعلوه انعكس إيجابيا لصالح قطر، بعد أن تأكد الجميع في ميونيخ أن الجهل والحقد له أعمدة ونياشين، ودول الحصار كشفت عن وجهها القبيح أمام العالم بهذه المؤامرات الرخيصة.
قلت إنني لن أتحدث كثيرا عن إساءة دول الحصار لنفسها، ثم للعرب جميعا، عن طريق لقاء صبياني هزيل، لكنني حزين فعلا على ما انتهت إليه هذه الدول، وعلى هذا المستوى المنحط الذي اختارته لتشويه صورتها هي، غداة فضيحة أخرى أطاحت بقناة العربية في أوروبا، وأجبرتها على الانسحاب من هيئة تنظيم البث البريطانية «أوفكوم»، بعد شكوى رسمية لوكالة الأنباء القطرية لدى الهيئة ضدها وضد قناة «سكاي نيوز عربية»، لبثهما تصريحات مفبركة نسبت إلى صاحب السمو، عقب تعرض موقع الوكالة للقرصنة قبل أيام قليلة من فرض الحصار على قطر، الأمر الذي سيمنعها من البث من المملكة المتحدة وجميع دول الاتحاد الأوروبي، كما سيخرجها من دائرة المؤسسات الإعلامية البارزة التي تخضع لجهات رقابية مرموقة، تضمن التزام المؤسسات الإعلامية بأخلاقيات المهنة، كالحياد والعدالة.
هذا هو الفارق بين الدول المارقة، التي تمثلها دول الحصار بـ «جدارة»، وبين الدول «المرموقة» التي تصنع التاريخ وتساهم في إنجازاته، كما هو الحال بالنسبة لقطر، التي اكتسبت الاحترام والتقدير والتعاطف على مختلف المستويات الدولية.
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
قبل أن أتحدث عن كلمة صاحب السمو لابد من الإشارة إلى أن المؤتمر يناقش العديد من القضايا الأمنية الدولية والإقليمية، ومن بينها الملفات الشائكة في العالم العربي ومحيطه، بحضور دولي رفيع، يتمثل في رؤساء «21» دولة وحكومة، وأكثر من ثمانين وزير خارجية ودفاع، بالإضافة إلى نحو «600» مدعو من المديرين في شركات عالمية، والأكاديميين وممثلي منظمات المجتمع المدني.
كلمة صاحب السمو، أمام هذه النخبة من المسؤولين وصناع القرار على مستوى العالم، كانت بمثابة خريطة طريق جادة وموضوعية لسلة من الموضوعات المهمة والملحة، التي يواجهها الشرق الأوسط تحديدا، على اعتبار أن مشكلات العالم وأكبر التحديات التي يواجهها تأتي أساسا من هذه المنطقة المضطربة، والمبتلاة بالعديد من الأنظمة الديكتاتورية التي قادتها إلى ما نشهده اليوم.
خطاب صاحب السمو اتسم بالقيم والمبادئ، وهذه لها أهميّة عظمى في خطاباته، وفي نهج قطر ككل، على اعتبار أنه كلّما ارتقت الدول بقيمها ومبادئها دلّ ذلك على تطوّرها وازدهارها، وكلّما أهملتها زاد جهلها وتخلّفها.
كما اتسم بالثبات، لأن الثبات على المبدأ في المواقف دلالة على امتلاك الحق، والدفاع عنه، وهو بالتأكيد من أسمى وأشرف الواجبات التي تمسكت بها قيادتنا في مواجهة الحصار الغادر، وهذا دليل على الصدق والإخلاص، لذلك واجهت قطر الحصار، وتحملت تبعاته دون أن تفكر للحظة بالمساومة على سيادتها واستقلالية قرارها الوطني.
صاحب السمو قدم درسا في التحلي بالأخلاق الحميدة، والثبات على الحق، وإناء دول الحصار نضح بما فيه من سموم وأحقاد، ونترك الحكم للتاريخ وحده، ولكل الذين استمعوا إلى الخطاب السامي، ليدركوا جميعا الفارق بين الدول المسؤولة التي تصنع التاريخ، والدول المسعورة التي تعيش على هامشه.
خطاب صاحب السمو تناول «3» محاور أساسية، بدأها بالاتحاد الأوروبي، باعتباره المثال الذي يحتاجه الشرق الأوسط، في ظل الوضع السياسي والأمني الذي يشهده، والذي يجعله على حافة هاوية، ولابد من إبعاده عن هذه الهاوية بمساعدة المجتمع الدولي، وعبر البدء باتفاقية أمنية إقليمية، تجعل الاضطرابات في المنطقة شيئا من الماضي، وكان ذلك المحور الثاني الذي تناول، بشكل عميق وموضوعي ما يعصف بهذه المنطقة من اضطرابات، حيث الشعوب بدأت تفقد إيمانها بحكوماتها، ولا تجد وسيلة للتغيير سلميا، وقدم سموه صورة واضحة للمعاناة في العالم العربي، الناجمة أساسا عن أنظمة ديكتاتورية تحاول وضعه بين خيارين: الأمن، أو الحرية والكرامة وسط الفوضى، وفي هذا المحور تناول سموه قضية الإرهاب، مطالبا بضرورة توخي الحذر، حيث إن الظروف التي أتاحت لـ «داعش» سيلا من المجندين الطوعيين مازالت قائمة عبر استمرار المعاناة والظلم، اللذين يمهدان الطريق أمام تفشي ظاهرة الإرهاب.
المحور الثالث تناول الأزمة الخليجية، وأشار سموه في هذا الصدد إلى نقطة في غاية الأهمية؛ خلاصتها أن الحصار على قطر فاشل، والذين قاموا به مغامرون، قوضوا الأمن والأفق الاقتصادي لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، موضحا أن جيران قطر افتعلوا الأزمة الخليجية، وبعض هؤلاء من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، الذين كان يُعتقد، في وقت ما، أنهم عوامل استقرار في الساحة العالمية، لم يعودوا كذلك الآن، حيث أدت سياساتهم المغامرة إلى تقويض الأمن الإقليمي والأفق الاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي ككتلة استراتيجية.
وأكد أنه لو كانت العلاقات الإقليمية تسترشد بمبادئ الحكم الرشيد وحكم القانون لما تعرضت دول ذات موارد محدودة لابتزاز يملي عليها مقايضة سياستها الخارجية مقابل المساعدات، فيما رفضت ذلك دول أخرى وبقيت وفية لمبادئها.
وفي كلمته وصف صاحب السمو الحصار بالفاشل، وقال سموه إن قطر تغلبت على الحصار البري والبحري والجوي القائم منذ يونيو الماضي من خلال دبلوماسيتها، وعبر فتح طرق تجارة جديدة، وتنويع اقتصادها، مؤكدا أن قطر ظهرت أكثر قوة من الماضي.
وتابع أنه حتى في ظل الاضطرابات الإقليمية تبقى قطر واحدة من أكثر دول العالم سلمية، وقال إنها عززت وحدتها عقب الحصار وحافظت على سيادتها.
كما أشار إلى أنها واصلت التجارة مع العالم الأوسع، ولم تفوت شحنة واحدة من الغاز الطبيعي المسال خلال هذه الفترة، ووصف ذلك بالأمر الحيوي لبقية دول العالم، حيث إن قطر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي، وصادراتها تضمن استقرار إمدادات الطاقة العالمية.
وبعيدا عن قاعة مؤتمر ميونيخ، وعن النقاشات والكلمات الجادة والمسؤولة، الرامية إلى إيجاد حلول للأزمات، مارست دول الحصار، خارج المؤتمر، ما تتقنه، وهو التآمر وشراء ذمم الناس، للعواء والعويل وممارسة التشويش والتشويه، وعمل أي شيء يساهم في التقليل من صورة قطر، التي رأيناها في أحسن حال، وأبهى حلة، وزادها ثقة وثباتا أمام العالم كلمة صاحب السمو وهو يخاطب هذا الحشد الدولي من القادة والساسة والمفكرين.
استجارت هذه الدول بفتيات من أوروبا، وجلبت نحو «25» منهن للمشاركة في مؤتمر لتشويه قطر في مدينة ميونيخ، ونظمت لهن لقاء في فندق «تشارلز»، أحد أفخم الفنادق، حيث دعت فيه إلى فرض حصار تجاري على قطر.
وقد استجلب المنظمون فتيات من دول أوروبية، وقدموا لهن مبالغ مالية نظير المشاركة والإدلاء ببعض التصريحات.
وقالت ماريا، وهي إحدى المشاركات، خلال مداخلتها «أنتهز هذا المؤتمر اليوم لأعلن أني فوجئت بما تقوم به قطر، وأعتقد أنه يجب على ألمانيا وأوروبا وكل العالم أن يوقفوا ذلك بأي طريقة».
لا أدري إن كانت «ماريا» تعرف عن أي شيء تتحدث، هي عبارة طلبوا منها حفظها وترديدها، ولأن حبل الكذب قصير فقد وثقت الكاميرات بالصوت والصورة اعترافات بعض المشاركات بتلقي أموال، وعدم علمهن بما يجري من حولهن، حيث أقرت ماريا وزميلات لها بتلقي أموال مقابل الحضور والمشاركة في المؤتمر.
دول الحصار ارتكبت، عبر تنظيم هذا اللقاء، جرائم بحق المرأة، عن طريق استخدامها بطريقة مهينة، وقد اعتقدنا أننا بتنا نعرف حدود انحطاط هؤلاء المتآمرين، لنكتشف أنهم قادرون على مفاجأتنا مرة تلو المرة، وأنهم يملكون من الصفات السيئة ما يصعب جمعه وحصره.
لن أقف كثيرا أمام هذه الصورة القاتمة، وهذا اللقاء المشبوه، وأمام صرف أموال الشعوب بهذه الطريقة التي تنطوي على استهتار وتهور ومراهقة، فكان حرياً بهم، إن كانوا غير قادرين على التعلم، ولا على الاستفادة من العبر والدروس، أن يقوموا بمتابعة أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن، والكلمات المهمة التي ألقيت في جلسته الافتتاحية، وما تتضمنه أعماله من مناقشات وجلسات مهمة للغاية، بدلا من الركض واللهث خلف أعمال صبيانية طائشة، كجلب فتيات وتجنيدهن لتشويه صورة قطر.
هذه الألاعيب السفيهة تهدر المال والوقت والجهد، وتزيد الجاهلين جهلا، وقد أدرك كل من شهد هذا اللقاء الساخر للفتيات إلى أي مدى انحدر هؤلاء الصبية، وإلى أي مدى بلغ عندهم سوء التقدير ودناءة التفكير، وأعتقد أن ما فعلوه انعكس إيجابيا لصالح قطر، بعد أن تأكد الجميع في ميونيخ أن الجهل والحقد له أعمدة ونياشين، ودول الحصار كشفت عن وجهها القبيح أمام العالم بهذه المؤامرات الرخيصة.
قلت إنني لن أتحدث كثيرا عن إساءة دول الحصار لنفسها، ثم للعرب جميعا، عن طريق لقاء صبياني هزيل، لكنني حزين فعلا على ما انتهت إليه هذه الدول، وعلى هذا المستوى المنحط الذي اختارته لتشويه صورتها هي، غداة فضيحة أخرى أطاحت بقناة العربية في أوروبا، وأجبرتها على الانسحاب من هيئة تنظيم البث البريطانية «أوفكوم»، بعد شكوى رسمية لوكالة الأنباء القطرية لدى الهيئة ضدها وضد قناة «سكاي نيوز عربية»، لبثهما تصريحات مفبركة نسبت إلى صاحب السمو، عقب تعرض موقع الوكالة للقرصنة قبل أيام قليلة من فرض الحصار على قطر، الأمر الذي سيمنعها من البث من المملكة المتحدة وجميع دول الاتحاد الأوروبي، كما سيخرجها من دائرة المؤسسات الإعلامية البارزة التي تخضع لجهات رقابية مرموقة، تضمن التزام المؤسسات الإعلامية بأخلاقيات المهنة، كالحياد والعدالة.
هذا هو الفارق بين الدول المارقة، التي تمثلها دول الحصار بـ «جدارة»، وبين الدول «المرموقة» التي تصنع التاريخ وتساهم في إنجازاته، كما هو الحال بالنسبة لقطر، التي اكتسبت الاحترام والتقدير والتعاطف على مختلف المستويات الدولية.
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول