+ A
A -

هناك مفارقة في بعض المؤسسات التعليمية، تتمثل في تحويل الوظيفة الإدارية إلى وظيفة أكاديمية.. أو تحويل الوظيفة الأكاديمية إلى وظيفة إدارية !! ونحن نعلم أن الوظيفة الأكاديمية محكومة بنظام.. والوظيفة الإدارية محكومة بنظام.. والمفترض أن تكون وظيفة الإداري تتصل بالجانب الإداري.. ووظيفة الأكاديمي تتصل بالجانب الأكاديمي.. أما التشابك والتداخل في الأدوار فيحتاج في تقديري الشخصي إلى إعادة نظر.. وتسوية التشابك والتداخل بسن قوانين أو قرارات واضحة مرضية.

صار استشاري أو استشارية المدارس في المؤسسة التعليمية يساند الأكاديمي في جل مجالاته الفنية والتقنية، ويقيم جوانب ذات الطبيعة التخصصية أو الفنية.. وهي ليست من وظيفته !! والأصل أن يشغلها الموظف المعني بها ويأخذ عليها الامتيازات المالية.

ما يحدث في الميدان يتطلب مساواة استشاريي المدارس والاستشاريات بالأكاديميين في الحقوق والامتيازات المالية والوظيفة.. لقد وصل الأمر أن يتابع الاستشاري والاستشارية «متابعة التحصيل الأكاديمي للطلبة للوقوف على مدى تحقيق المدرسة للقيمة المضافة في ارتفاع مستوى الطلبة أكاديمياً» !! وهكذا ينطبق الأمر على مجالات أخرى ومؤشرات، من حيث (متوفر غير متوفر غير مكتمل لم يتم قياسه وملاحظات أخرى عديدة) أُشغل بها الاستشاريون والاستشاريات، وتحول أداؤهم فيها وتكليفهم بها إلى عبء يضاف إلى عملهم الإداري ! نعم هم خبرات وكفاءات تجيد وتعيد وتحسن العمل دون ضجر وملل.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هي مهمة الاستشاري الإداري أن يقضي وقته في أعمال أكاديمية ؟ أم يجب أن يتفرغ للجوانب الإدارية التي تخصه ذات العلاقة بتخصصه ؟ مثل (متابعة تطبيق الأنظمة واللوائح والتعاميم لضمان عمليتي التطبيق والجودة في الإجراءات، والخطط المدرسية، وآلية تنفيذها، ومتابعتها، والاجتماعات وتوثيقها،وتنفيذ التوصيات، وسد الشواغر، والحضور والانصراف، وتوظيف تقنية المعلومات والتوصيات لدعم الممارسات الإدارية والتعليمية اليومية، وإجراءات الصحة والسلامة وآليات ركوب الباصات، وتفعيل المقصف المدرسي، وجاهزية غرف الدراسة والتمريض ومرافق المدرسة، والحضور والغياب والانضباط والالتزام بالدوام، والمجالس الطلابية، والزيارات الصفية... إلخ) إذاً والحال هذا.. لماذا لا نحول الاستشاريين الإداريين إلى كادر الأكاديميين تكريماً وتشجيعاً وتعزيزاً لأدوارهم في الميدان.. التوصيف الجديد يمنح شاغلها امتيازات مالية ومعنوية وتفتح له فرصاً وآفاقاً للإبداع والانتفاع وغيرها، مما لا يستطيع الحصول عليه بكفاءته وتوصيفه الوظيفي الحالي !!

الخلاصة أن الأعباء على استشاريي المدارس والاستشاريات ازدادت، والمهام ازدادت والأدوار ازدادت، تضخمت المجالات والمؤشرات والاستمارات، رغم أن بعض البنود لا علاقة بهم بها ! لأنها ليست من صلب مهامهم الإدارية، ويزداد الأمر سوءاً في ظل عدم وضوح التوصيف الوظيفي لهم والتكليفات المضافة على عملهم الميداني، وتحوُّل الفعل الإداري إلى فعل أكاديمي واجتهادات تتطلب إعادة نظر في تسكين هؤلاء إلى أكاديميين أسوة بغيرهم بكل مستحقاتهم المرتبطة.. حتى نتجاوز مرحلة عدم الرضا والنقص في الرضا الوظيفي.

قبل جملة الختام.. أشير إلى أنني لست الوحيد الذي لاحظت هذه المفارقة، بل هناك آخرون يتهامسون ويتحاورون عنها في مكاتبهم ومجالسهم وملتقياتهم ومنتدياتهم الحوارية.

الخلاصة: يجب على صنّاع التربية والتعليم مراجعة المسألة وإعادة النظر فيها للصالح العام.. حتى يتحقق للاستشاريين والاستشاريات ما يصبون إليه من طموحات لخدمة الأهداف المنشودة.. والغايات النبيلة للمسيرة التنموية والحضارية الخيّرة لوطننا الغالي قطر.. نسأل الله الفرج عن قريب.

وعلى الخير والمحبة نلتقي.

copy short url   نسخ
23/11/2023
175