استعار رجل من أبي حامد، أحمد بن أبي طاهر الفقيه كتابا، فرآه أبو حامد وقد وضع على الكتاب عنبا!ثم إن الرجل سأله بعد ذلك أن يعيره كتابا آخر.فقال له: تجيء إلى منزلي وتأخذه..فجاءه في منزله، فأخرج له الكتاب في طبق، وناوله إياه!فقال: ما هذا؟فقال له: هذا الكتاب الذي طلبته، وهذا الطبق تضع عليه ما تأكله!فعلم الرجل سوء فعلته الأولى!الناس كتبهم عزيزة عليهم، ولولا حب النفع، واحتساب الأجر، ونشر الثقافة، وعدم رد المستعير لمكانته في القلب، ما أعار أحد لأحد كتابا!فعلى مستعير الكتب أن يحفظ الكتاب الذي استعاره، وأن يعيده سليما معافى كما أخذه!البعض حين يعيدون الكتب التي استعاروها تجد أنهم تركوا عليها أثر الطعام، وكأنه استعار الكتاب ليطعمه لا ليقرأه!والبعض يعيد إليك كتابك وآثار القهوة على صفحاته، فيه دبوغ تلوث الصفحات، وتنتهك بياضها!والبعض قد يسكب كوب ماء عليه، عن غير قصد طبعا، ولكنه الإهمال وعدم الحرص، فتأخذ كتابك وقد انتفش كأنه طاووس مزهو بجمال ريشه!والبعض يعيد إليك كتابك وفيه خطوط وملاحظات على جمل أعجبته!يا أخي هذا كتابي وليس كتابك، وهذا العبث مرفوض، وعدم إحساس بالمسؤولية، ويدخل في باب تضييع الأمانة، فالإنسان مستأمن عما استعاره!والبعض أسوأ من الجميع الذين سبق ذكرهم، وهو الذي يستولي على الكتاب استيلاء تاما!يذكرني هذا بقول طريف «لأناتول فرانس»:لا تعر كتبك للآخرين، لأنهم لن يرجعوها لك، الكتب التي في مكتبتي هي التي أعارها لي الآخرون!.