+ A
A -

بتعاون قطري - مصري، بدأت هدنة غزة الأولى، التي طال انتظارها، بعد ما يقرب من سبعة أسابيع من الحرب، راح ضحيتها نحو خمسة عشر ألف شهيد فلسطيني تقريبا، لتتوقف خلالها- بشكل مؤقت- ولمدة أربعة أيام، جميع الأعمال العسكرية، من أجل دخول المساعدات الإغاثية والإنسانية الأشد احتياجا للفلسطينيين، مع تبادل الأسرى والمختطفين من الأطفال والنساء، من الجانبين.

وإذا كان هناك من ينظر إلى هدنة غزة الأولى، على أنها تسليم أميركي، واستسلام صهيوني، بالفشل في عدم القدرة على تحقيق أي حلول، أو فرض السيطرة على أرض الواقع، إلا أنه إذا أخذنا خطوة للخلف، ربما ظهرت لنا صورة المشهد أكثر وضوحا، ورأينا أن هناك شفرة قطرية - مصرية، كانت لها كلمة السر في إنجاز هذه الهدنة المؤقتة.

وإذا كانت الدبلوماسية القطرية - المصرية، بشفرة ثنائية، حققت إنجاز هدنة غزة الأولى- المؤقتة- ووقف قتال احتدم لما يقرب من خمسين يوما، استخدمت فيه قوات الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي، وبدعم أميركي، كل ما هو مشروع، ومحرم من أسلحة القتال والحرب، ضد الأشقاء الفلسطينيين، وسقوط أكثر من 15000 شهيد فلسطيني، فإن هذه الهدنة ما كان لها لتتحقق بدون قوة التأثير القطري - المصري، وقدرات كلا البلدين، وما لديهما من أوراق يتفردان بها، وتمنحهما الثقل العربي، والإقليمي، والعالمي.

ليس من الحكمة أن نتخطى هذه الشفرة، ودورها في إعادة اكتشاف ذاتنا، لتكون نقطة انطلاق جديدة، لمزيد من التوافق الدبلوماسي بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية، من أجل التطلع بعد هدنة غزة الأولى، نحو وقف شامل للأعمال العسكرية الصهيونية الإسرائيلية ضد الأشقاء الفلسطينيين، وإكمال للدور الذي قامتا به، خاصة وأنه كانت هناك جولة للجنة العربية الإسلامية المشتركة، شملت الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، لخلق رأي مساند من الأطراف دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، لوقف الحرب على القطاع.

نحتاج استراتيجية لاستثمار طاقاتنا، وتوظيف قدراتنا، بما يحقق مصالحنا العربية، ويخدم قضية الأمة الأساسية، القضية الفلسطينية، ومن الأهمية أن نفكر فيما هو أبعد من مجرد طرق أبواب الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن القومي، لنذهب لمخاطبة الرأي العام العالمي الحر، ونستثمر الصورة الذهنية التي صنعها مونديال قطر عام 2022، والإنجاز القطري غير المسبوق في إعادة رسم صورة صحيحة للثقافة والشخصية العربية الإسلامية في عيون العالم، بعد أن عاش دهرا أسيرا للتضليل الإعلامي الصهيوني، ودعونا نبدأ وننطلق من نجاح الشفرة القطرية - المصرية في هدنة غزة الأولى.

copy short url   نسخ
26/11/2023
10