+ A
A -
قبل أربعة آلاف سنة، وفي بلاد ما بين النهرين، حيث يُقال إن أول حرف خطته البشرية كان هناك، نقشَ حمورابي سادس ملوك البابليين شريعته بالمسمار على ألواح الطين، وبعد أن أفلحَ علماء الآثار بفك رموز الكتابة البابلية القديمة أذهلهم إلى أي مدى كان ذاك البابلي حكيمًا، ثمة قوانين سابقة لعصرها آلاف السنين، تشهد لصاحبها بالسبق والنبوغ، وأحد قوانين حمورابي في باب تنظيم الأسرة والزواج، يقول فيه:
إذا تزوجت البنتُ القاصر الصغيرة في السن فلا يجوز لها العيش في بيت زوجها، بل يجب عليها الاستمرار في العيش في بيت والدها إلى أن تصبح في سنٍ ملائمة تكتمل فيه قدرتها على تحمل الأعباء الزوجية والمنزلية!
واضح من عنوان المقال ومن هذه المقدمة أن مربط الفرس عند الزواج المبكرّ.. وكالعادة لن أناقش هذا الموضوع من زاوية شرعية، فإن الله أباح، وما أباحه الله خسئتُ وغيري أن نُحرّمه، ولكن هناك فرق بين الفرض وبين المباح! فالصلاة والصيام فرض، ومن لم يعجبه فرأسه وأقرب جدار! بينما شرب الشاي مباح لا يُؤجر فاعله ولا يأثم تاركه، هو مجرد قضية خاضعة للأذواق والقناعات والعادات! وإنّ الله سبحانه حيث يُشرِّع فيبيح فليس لأحدٍ أن ينكر على أحدٍ إذا فعل، وليس لأحدٍ أن ينكر على أحدٍ إذا لم يفعل! وإني وإن كنتُ أُسلّم أن الزواج المبكر مباح، فإني في المقابل أؤمن أن التريث قليلًا أفضل!
أؤمن أن الزواج أكبر من علاقة فراش، وأن ثمة نضج غير النضج الجسدي هو الذي يُؤذن أن الوقت حان، في المتوسط تبلغ الفتاة في سن الثانية عشرة، والفتاة في هذا العمر برأيي طفلة أكثر منها امرأة، وأنها إذا بلغت مصافي النساء من حيث إمكانية حصول حمل لديها، إلا أنها لم تبرح مرتبة الطفولة عقلًا وعاطفة، وهي بحاجة إلى الرعاية والعطف والاهتمام، فضلًا أن ترعى وتعطف وتهتم بغيرها، البنت في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة إذا انكسرت لها لعبة بكت، وإذا حصلت على علامة متدنية في امتحان ارتعدتْ، ولربما كانت تخاف أن تنام والأضواء مطفأة، وبحملها على الزواج على اعتبار أنها ليست في سن يسمح لها أن تقرر نكون قد حرمناها أن تعيش في كنف والديها وهي أحوج إليهما في هذه المرحلة العمرية من زوج هو الآخر له مطالب ليست مطالبها، واهتمامات ليست اهتماماتها! هذا النوع من الزواج قد يكون أحيانًا ضرورة تفرضه طبيعة مجتمع، أو ظروف طارئة، وهنا كانت حكمة الشريعة في الإباحة، ولكن ما دامت الأمور في سياقها الطبيعي فعلام العجلةُ.. لستُ أفهم!
البنات في البيوت ضيوف، وهنّ مغادرات إلى بيوت أزواجهنّ لا محالة، والضيف يُكرم ولا يُطرد! وقد كان من عادات العرب إذا حلّ فيهم ضيفٌ أضافوه ثلاثة أيام، يقضي فيها حاجته من الطعام والشراب والراحة ثم يسألونه عن الغرض الذي أتى لأجله، هذا هو الحال مع الضيف العابر، فكيف بهذا الضيف الذي هو قطعة من القلب، وفلذة من الكبد، لماذا يُطرد قبل أن يستوفي حاجته في العاطفة، ويؤمن زاده من النضج والفهم الضروريين له لإنشاء زواج ناجح وأسرة!
إن اللقمة التي يضعها الرجل في فم امرأته صدقة، وكذلك في فم ابنه وابنته، ونحن لا نرزق بعضنا بعضًا، الرازق هو الله ولسنا إلا أسبابًا يقضي بنا الله أرزاق خلقه، فلا تخافوا الفقر، لا أحد يموت من الجوع، ولا تخشوا الكسوة، فالله هو الواهب، ومن زوّج ابنته في سن مبكرة ليس له سبب في هذا غير نقل مهمة اللقمة والكسوة إلى غيره فقد أساء الظن بالله، البنات لسن حملًا ثقيلًا إنهنّ حجاب من النار، كما أخبرنا نبيُّنا، فأكرموا حُجَبَكم !
بقلم : أدهم شرقاوي
إذا تزوجت البنتُ القاصر الصغيرة في السن فلا يجوز لها العيش في بيت زوجها، بل يجب عليها الاستمرار في العيش في بيت والدها إلى أن تصبح في سنٍ ملائمة تكتمل فيه قدرتها على تحمل الأعباء الزوجية والمنزلية!
واضح من عنوان المقال ومن هذه المقدمة أن مربط الفرس عند الزواج المبكرّ.. وكالعادة لن أناقش هذا الموضوع من زاوية شرعية، فإن الله أباح، وما أباحه الله خسئتُ وغيري أن نُحرّمه، ولكن هناك فرق بين الفرض وبين المباح! فالصلاة والصيام فرض، ومن لم يعجبه فرأسه وأقرب جدار! بينما شرب الشاي مباح لا يُؤجر فاعله ولا يأثم تاركه، هو مجرد قضية خاضعة للأذواق والقناعات والعادات! وإنّ الله سبحانه حيث يُشرِّع فيبيح فليس لأحدٍ أن ينكر على أحدٍ إذا فعل، وليس لأحدٍ أن ينكر على أحدٍ إذا لم يفعل! وإني وإن كنتُ أُسلّم أن الزواج المبكر مباح، فإني في المقابل أؤمن أن التريث قليلًا أفضل!
أؤمن أن الزواج أكبر من علاقة فراش، وأن ثمة نضج غير النضج الجسدي هو الذي يُؤذن أن الوقت حان، في المتوسط تبلغ الفتاة في سن الثانية عشرة، والفتاة في هذا العمر برأيي طفلة أكثر منها امرأة، وأنها إذا بلغت مصافي النساء من حيث إمكانية حصول حمل لديها، إلا أنها لم تبرح مرتبة الطفولة عقلًا وعاطفة، وهي بحاجة إلى الرعاية والعطف والاهتمام، فضلًا أن ترعى وتعطف وتهتم بغيرها، البنت في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة إذا انكسرت لها لعبة بكت، وإذا حصلت على علامة متدنية في امتحان ارتعدتْ، ولربما كانت تخاف أن تنام والأضواء مطفأة، وبحملها على الزواج على اعتبار أنها ليست في سن يسمح لها أن تقرر نكون قد حرمناها أن تعيش في كنف والديها وهي أحوج إليهما في هذه المرحلة العمرية من زوج هو الآخر له مطالب ليست مطالبها، واهتمامات ليست اهتماماتها! هذا النوع من الزواج قد يكون أحيانًا ضرورة تفرضه طبيعة مجتمع، أو ظروف طارئة، وهنا كانت حكمة الشريعة في الإباحة، ولكن ما دامت الأمور في سياقها الطبيعي فعلام العجلةُ.. لستُ أفهم!
البنات في البيوت ضيوف، وهنّ مغادرات إلى بيوت أزواجهنّ لا محالة، والضيف يُكرم ولا يُطرد! وقد كان من عادات العرب إذا حلّ فيهم ضيفٌ أضافوه ثلاثة أيام، يقضي فيها حاجته من الطعام والشراب والراحة ثم يسألونه عن الغرض الذي أتى لأجله، هذا هو الحال مع الضيف العابر، فكيف بهذا الضيف الذي هو قطعة من القلب، وفلذة من الكبد، لماذا يُطرد قبل أن يستوفي حاجته في العاطفة، ويؤمن زاده من النضج والفهم الضروريين له لإنشاء زواج ناجح وأسرة!
إن اللقمة التي يضعها الرجل في فم امرأته صدقة، وكذلك في فم ابنه وابنته، ونحن لا نرزق بعضنا بعضًا، الرازق هو الله ولسنا إلا أسبابًا يقضي بنا الله أرزاق خلقه، فلا تخافوا الفقر، لا أحد يموت من الجوع، ولا تخشوا الكسوة، فالله هو الواهب، ومن زوّج ابنته في سن مبكرة ليس له سبب في هذا غير نقل مهمة اللقمة والكسوة إلى غيره فقد أساء الظن بالله، البنات لسن حملًا ثقيلًا إنهنّ حجاب من النار، كما أخبرنا نبيُّنا، فأكرموا حُجَبَكم !
بقلم : أدهم شرقاوي