+ A
A -
بانتهاء الحلقة الثانية من وثائقي الجزيرة «ماخفي أعظم»، يكون الستار بأكمله قد أزيح عن مسرح الأسرار، وفتح الصندوق الأسود للجمهور، ليعرف الخبايا والخفايا في واحدة من أكثر حوادث منطقة الخليج خسة وخيانة، بالتفصيل والدليل، بالحقائق والوثائق، ليشهد العالم بأسره كيف كانت تحاك المؤامرات، وكيف وصل الأمر إلى التخطيط لتفجيرات، مما سينتج عنها حالات وفاة وإصابات لأبرياء آمنين مسالمين، في تجرد تام من تعاليم الدين، وتقمص كامل لشخصيات عدوانية، تستمتع بإثارة الذعر لدى الآخرين.
كنا نشاهد برنامج «ما خفي أعظم» وفيه سرد معلوماتي خطير، وكأن اسمه «شاهد على الغدر» من قبل دول الجوار ومن نظنهم أشقاء.. أو اسمه «شاهد على الصبر» نظير ما تحملته قطر من دسائس ومؤامرات من دول التآمر الخليجي الممثلة في مملكة الخوف، وإمارة الشر، وجزيرة الريتويت.
وإذا كان البرنامج قد كشف تفاصيل المؤامرة الكبرى التي تعرضت لها بلادنا قبل عشرين سنة في زهاء الساعتين بطريقة احترافية عالمية تدرّس لقنوات الكفتة والكبدة والمراعي.. وعرضها بطريقة رفعت الضغط والسكر، ونفخت القولون في الإمارة المارقة وجزيرة دلمون.. وأسدل الستار بعد أن وضع النقاط على الحروف وأقنع المشاهد بالتحليلات والتسجيلات.. إلا أن التاريخ لا يسدل ستائره، فهو سجل أمين للأحداث بحلوها ومرها، وما رأيناه في الحلقتين كان مريرا وصادما وكارثيا في نفس الوقت، إذ إن مخزون «الغدر» كان بطريقة فاقت كل التصورات وتصدت لها «قطر» بالحكمة والحنكة والكفاءات، فاستحقت «شهادة على الصبر»، في وجه محاولة انقلابية خُطط لها بوحشية منقطعة النظير.. ومن أقرب الناس يا حسافة!
بعضنا كان على دراية بمعظم أخبار المحاولة الانقلابية الغادرة، وبعضنا الآخر لم يعرف الكثير عنها، لكننا جميعا لم نكن مطلعين بشكل كاف على تفاصيل هذه الخطط الوحشية والتي لا تختلف عن الطريقة «الداعشية»!
كما لم يعرف الشارع الخليجي والعربي تفاصيل الأخلاق الرفيعة التي تعاملت بها قطر مع المؤامرة، على أمل أن يُشكل ذلك دافعا لأخوة وأشقاء وجيران يكفّون بعده عن مخططات الشر والتآمر ضد قطر.
بين الغدر والصبر، ظالم ومظلوم، ظالم استخدم كل سلاح للنيل من شقيق أصغر، ومظلوم رد الغادرين بفضل الله ثم المعاملة الحسنى والكلمة الطيبة،
«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ».
في الحلقة الأولى، تابعنا تفاصيل المحاولة الانقلابية
«ماخفي أعظم»، وفي الثانية رأينا ما هو أمرّ وأدهى، حينما تحولت المؤامرة إلى إرهاب دولة عبر التخطيط لتفجيرات على «الطريقة الداعشية»، وكان هدفها مدنيين عزلا، كما رأينا في العبوة التي تم زرعها في موقف سيارات بإدارة الجوازات.
الذين زرعوا المتفجرة كانوا مجرد أدوات، أما الفاعل الحقيقي فهو في البحرين، يرصد مليون ريال لإحداث تفجيرات في قطر، هدفها زعزعة الاستقرار والعبث بأمنها، وكل من يعيش على أرضها الخيّرة، بهدف تحديد مسارها الاقتصادي، وتغيير مستواها الاجتماعي، وتحجيم خطها السياسي، وباختصار «وضع اليد» عليها في نهاية المطاف، لتصبح محافظة أو إمارة تابعة لدول أخرى.
وكل هذا يحدث ممن نظنهم أخوة وجيرانا وهم في جنح الليل يخططون للتفجير، وسفك الدماء، والغزو العسكري والاستيلاء على البلاد ونهب خيراتها.
هذا الغدر قابلته قطر بالصبر الجميل، والكلمة الطيبة.. وسيسجل التاريخ، أنها حرصت على حل النزاع الحدودي مع البحرين عبر الوسائل السلمية من خلال التحكيم، وفي 16 مارس 2001 أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي حكمها التاريخي، الذي قبله البلدان، وطوى نزاعا استمر لستة عقود، ووضع القرار وقتها الأساس لعلاقات أوثق وأرحب لا تشوبها شائبة بين البلدين، فضلا عن تعزيز الاستقرار، كما تم اقتراح جسر يربط بلدينا بطول أربعين كيلو مترا، سُمي لاحقا «جسر المحبة»، هدفه تعزيز وتجسيد قيم المحبة والأخوة بين الشعبين الشقيقين.
طوت قطر الصفحة السوداء للمغامرة الرعناء، أسدلت الستار عن الخطة الانقلابية والمؤامرة الإرهابية، وفتحت صفحة جديدة اعتقدت، بحسن نية، أنها ستؤذن لمرحلة أخرى مختلفة، تجمع ولا تفرق.
كنا واهمين، وتناسينا أن «من شب على شيء شاب عليه»، فتوقف الجسر، وبدأت في الخفاء خطة تآمرية أخرى للنيل من قطر وسيادتها، وكانت ساعة الصفر هذه المرة عملية قرصنة دنيئة قامت على اختراق وكالة الأنباء القطرية وبث حديث مفبرك لصاحب السمو.
اختلف الزمن واختلفت الأدوات، لكن العقليات الفاسدة صارت أكثر خبرة، والقلوب الحاقدة أضحت أكثر سوادا، لنفاجأ بتداعيات وقوائم وإملاءات، هدفها تنفيذ ما فشل في «1996»، لكن بطريقة أخرى هذه المرة تقوم على «تركيع قطر» عبر حصارها ومعاداتها والتآمر السري والعلني عليها.
لم نركع يوما لغير الله، ولن نركع سوى لوجهه جل جلاله، فكسرنا الحصار، وحولنا النقمة إلى نعمة، بعد أن فتحت هذه المؤامرة أعيننا مرة أخرى على سوء السريرة واستمرار الأعمال الشريرة، لمن عفونا عن جريمتهم الانقلابية وطوينا صفحتها الدنيئة على أمل أن يعوا، ويكفوا عن مؤامراتهم وأفعالهم الصبيانية.
بين 1996 و2017، تغيرت التكنولوجيا التي يستخدمها العالم للتقدم ورفاهية المجتمعات، لكنهم استخدموها للقرصنة وافتعال الأزمات، فاخترقوا موقع وكالة الأنباء وتوالت الفصول السامة بالجيوش والذباب الإلكتروني، على أمل النيل من صمودنا وتكاتفنا، لكن ما حدث لم يكن في حسبانهم، صرنا أكثر تكاتفا فيما بيننا، وأكثر التفافا حول قائدنا صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله، وأكثر إصرارا على مواجهة المؤامرة الخسيسة وإجهاضها بالعمل الدؤوب والمخلص والشجاع، لامتصاص الحصار وكسره وتدميره.
لم يتركوا شيئا إلا استخدموه، ولا شرا إلا استدعوه، قطعوا الأرحام وشتتوا العائلات، وحاصروا الأجواء والمياه، واستخدموا رجال الدين والمشاعر المقدسة والقبائل والشعراء والفنانين والرياضين.
فبركوا الأكاذيب والافتراءات، أقاموا أسوارا من الشر بين الشعوب، بثوا الكراهية، وافتعلوا الأحقاد، وداسوا حتى على العادات والتقاليد، وطعنوا في الأنساب والأعراض.
جلبوا المرتزقة، وسعوا لنشر الفوضى..
كل ذلك من أجل هذه الدويلة الصغيرة جدا جدا، وهذه القضية التافهة جدا جدا، كما يسمونها، وهي شغلهم الشاغل، وهمّهم في الليل والنهار.. وحديثهم في الخل والترحال.. وقضيتهم في الملتقيات والمنتديات والاجتماعات.. لكن من «الهياط الاجتماعي» إلى «التفحيط السياسي» يجعلهم يقللون من أهمية هذا الأمر الذي سبب لهم المر والمرارة..!
نحن بفضل الله كنا على يقين وسنبقى بأن قطر وقيادتها لم ترتكب شيئا من هذه التهم المزعومة التي لا أساس لها، ولا دليل.. بدليل أن العالم كله يرفض الوقوف إلى جانبهم ولم يقتنع بروايتهم وحتى الذين جاملوهم في البداية عادوا وأصلحوا خطيئتهم..
وقبل كل ذلك متوكلين على الله سبحانه وتعالى
«فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»
«مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ».
«ما خفي أعظم» كان فرصة لاستنباط الدروس وعقد المقارنات، والذين اتهموا قطر في «2017» بالإرهاب هم من خطط للتفجيرات في دوحة الأمن والسلام والاطمئنان، كان كل ذلك قبل ظهور «الجزيرة»، وقبل «العربي الجديد» وعزمي بشارة، وتهم الإرهاب المزعومة.
أطماع قديمة وخيانة متجددة، يغذيها حقد دفين وفكر مريض! والدوحة ردت على هذه الخيانة والتآمر بدعم البحرين وتنميتها.
هكذا هي الصورة: نحنُ نعمر وهم يخربون.
اليوم وبعد بث «?ما خفي اعظم» في جزئه الجزء الثاني عرف العالم إلى أي مدى كان الأمير الوالد يتمتع بالصبر والحلم، رغم أن خصومه استهدفوا رموز البلاد العليا وسعوا لضرب استقرار وطنه، لكن بقلبه الكبير، عفا عنهم، على أمل أن تُطوى تلك الصفحة السوداء إلى الأبد، لكن عند مملكة الخوف وجزيرة القمع وإمارة الشر..القلوب بقيت حاقدة وخائنة وسوداء!?
بات واضحا بما لا يدعو مجالاً للشك، أن قطر هي من صبرت على جيرانها أكثر من «20» سنة، وهم يستهدفونها ويحاولون النيل منها ومن شعبها ومن صدق مواقفها وانحيازها للشعوب العربية والصديقة عبر مساعدات إنسانية وإنمائية وتعليمية وصحية.
هؤلاء هم جيران الغدر والخيانة.
هؤلاء هم الإرهابيون الحقيقيون الذين رصدوا أموال شعوبهم لتفجيرات إرهابية في دولة شقيقة، ليس من حقهم التدخل في شؤونها الداخلية، كما أنها لم تعترض على أي تغيير في بيوت الحكم لديهم.. لكن انكشف المستور وما كان خافيا وهو أن هدفهم كان أكبر من المحاولة الانقلابية, بل كانت عملية تهدف إلى السيطرة على قطر وأرضها وثرواتها وقرارها.
إنه الغدر في أقبح معانيه ومراميه، وكما لم يفلحوا في الماضي، لن يفلحوا اليوم.
ورغم أعمالهم الشريرة، لم تقابلها قطر يوما إلا بالإحسان، ولم تتعامل معها سوى بالصدق والقلوب البيضاء، لكن الغدر شيم اللئام.
فحتى من جندوهم في هذه الأعمال غدروا بهم وقالوا لهم: السياسة ما فيها وجه!
وفعلا هم «ما لهم وجه من قفا» يسيرون في كل الاتجاهات ويتلونون مع كل الخيارات، بهدف الوصول لمطامعهم..!
ولو كان الغدر رجلاً وأراد أن يحتسب بنسبه لقال:
أنا الغدر وأبي الظلم وأخي الإساءة وأختي الخيانة
وعمي الضر وخالي الشر.
هذه صفاتهم وسماتهم وتكتب بعد أسمائهم..!
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
كنا نشاهد برنامج «ما خفي أعظم» وفيه سرد معلوماتي خطير، وكأن اسمه «شاهد على الغدر» من قبل دول الجوار ومن نظنهم أشقاء.. أو اسمه «شاهد على الصبر» نظير ما تحملته قطر من دسائس ومؤامرات من دول التآمر الخليجي الممثلة في مملكة الخوف، وإمارة الشر، وجزيرة الريتويت.
وإذا كان البرنامج قد كشف تفاصيل المؤامرة الكبرى التي تعرضت لها بلادنا قبل عشرين سنة في زهاء الساعتين بطريقة احترافية عالمية تدرّس لقنوات الكفتة والكبدة والمراعي.. وعرضها بطريقة رفعت الضغط والسكر، ونفخت القولون في الإمارة المارقة وجزيرة دلمون.. وأسدل الستار بعد أن وضع النقاط على الحروف وأقنع المشاهد بالتحليلات والتسجيلات.. إلا أن التاريخ لا يسدل ستائره، فهو سجل أمين للأحداث بحلوها ومرها، وما رأيناه في الحلقتين كان مريرا وصادما وكارثيا في نفس الوقت، إذ إن مخزون «الغدر» كان بطريقة فاقت كل التصورات وتصدت لها «قطر» بالحكمة والحنكة والكفاءات، فاستحقت «شهادة على الصبر»، في وجه محاولة انقلابية خُطط لها بوحشية منقطعة النظير.. ومن أقرب الناس يا حسافة!
بعضنا كان على دراية بمعظم أخبار المحاولة الانقلابية الغادرة، وبعضنا الآخر لم يعرف الكثير عنها، لكننا جميعا لم نكن مطلعين بشكل كاف على تفاصيل هذه الخطط الوحشية والتي لا تختلف عن الطريقة «الداعشية»!
كما لم يعرف الشارع الخليجي والعربي تفاصيل الأخلاق الرفيعة التي تعاملت بها قطر مع المؤامرة، على أمل أن يُشكل ذلك دافعا لأخوة وأشقاء وجيران يكفّون بعده عن مخططات الشر والتآمر ضد قطر.
بين الغدر والصبر، ظالم ومظلوم، ظالم استخدم كل سلاح للنيل من شقيق أصغر، ومظلوم رد الغادرين بفضل الله ثم المعاملة الحسنى والكلمة الطيبة،
«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ».
في الحلقة الأولى، تابعنا تفاصيل المحاولة الانقلابية
«ماخفي أعظم»، وفي الثانية رأينا ما هو أمرّ وأدهى، حينما تحولت المؤامرة إلى إرهاب دولة عبر التخطيط لتفجيرات على «الطريقة الداعشية»، وكان هدفها مدنيين عزلا، كما رأينا في العبوة التي تم زرعها في موقف سيارات بإدارة الجوازات.
الذين زرعوا المتفجرة كانوا مجرد أدوات، أما الفاعل الحقيقي فهو في البحرين، يرصد مليون ريال لإحداث تفجيرات في قطر، هدفها زعزعة الاستقرار والعبث بأمنها، وكل من يعيش على أرضها الخيّرة، بهدف تحديد مسارها الاقتصادي، وتغيير مستواها الاجتماعي، وتحجيم خطها السياسي، وباختصار «وضع اليد» عليها في نهاية المطاف، لتصبح محافظة أو إمارة تابعة لدول أخرى.
وكل هذا يحدث ممن نظنهم أخوة وجيرانا وهم في جنح الليل يخططون للتفجير، وسفك الدماء، والغزو العسكري والاستيلاء على البلاد ونهب خيراتها.
هذا الغدر قابلته قطر بالصبر الجميل، والكلمة الطيبة.. وسيسجل التاريخ، أنها حرصت على حل النزاع الحدودي مع البحرين عبر الوسائل السلمية من خلال التحكيم، وفي 16 مارس 2001 أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي حكمها التاريخي، الذي قبله البلدان، وطوى نزاعا استمر لستة عقود، ووضع القرار وقتها الأساس لعلاقات أوثق وأرحب لا تشوبها شائبة بين البلدين، فضلا عن تعزيز الاستقرار، كما تم اقتراح جسر يربط بلدينا بطول أربعين كيلو مترا، سُمي لاحقا «جسر المحبة»، هدفه تعزيز وتجسيد قيم المحبة والأخوة بين الشعبين الشقيقين.
طوت قطر الصفحة السوداء للمغامرة الرعناء، أسدلت الستار عن الخطة الانقلابية والمؤامرة الإرهابية، وفتحت صفحة جديدة اعتقدت، بحسن نية، أنها ستؤذن لمرحلة أخرى مختلفة، تجمع ولا تفرق.
كنا واهمين، وتناسينا أن «من شب على شيء شاب عليه»، فتوقف الجسر، وبدأت في الخفاء خطة تآمرية أخرى للنيل من قطر وسيادتها، وكانت ساعة الصفر هذه المرة عملية قرصنة دنيئة قامت على اختراق وكالة الأنباء القطرية وبث حديث مفبرك لصاحب السمو.
اختلف الزمن واختلفت الأدوات، لكن العقليات الفاسدة صارت أكثر خبرة، والقلوب الحاقدة أضحت أكثر سوادا، لنفاجأ بتداعيات وقوائم وإملاءات، هدفها تنفيذ ما فشل في «1996»، لكن بطريقة أخرى هذه المرة تقوم على «تركيع قطر» عبر حصارها ومعاداتها والتآمر السري والعلني عليها.
لم نركع يوما لغير الله، ولن نركع سوى لوجهه جل جلاله، فكسرنا الحصار، وحولنا النقمة إلى نعمة، بعد أن فتحت هذه المؤامرة أعيننا مرة أخرى على سوء السريرة واستمرار الأعمال الشريرة، لمن عفونا عن جريمتهم الانقلابية وطوينا صفحتها الدنيئة على أمل أن يعوا، ويكفوا عن مؤامراتهم وأفعالهم الصبيانية.
بين 1996 و2017، تغيرت التكنولوجيا التي يستخدمها العالم للتقدم ورفاهية المجتمعات، لكنهم استخدموها للقرصنة وافتعال الأزمات، فاخترقوا موقع وكالة الأنباء وتوالت الفصول السامة بالجيوش والذباب الإلكتروني، على أمل النيل من صمودنا وتكاتفنا، لكن ما حدث لم يكن في حسبانهم، صرنا أكثر تكاتفا فيما بيننا، وأكثر التفافا حول قائدنا صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله، وأكثر إصرارا على مواجهة المؤامرة الخسيسة وإجهاضها بالعمل الدؤوب والمخلص والشجاع، لامتصاص الحصار وكسره وتدميره.
لم يتركوا شيئا إلا استخدموه، ولا شرا إلا استدعوه، قطعوا الأرحام وشتتوا العائلات، وحاصروا الأجواء والمياه، واستخدموا رجال الدين والمشاعر المقدسة والقبائل والشعراء والفنانين والرياضين.
فبركوا الأكاذيب والافتراءات، أقاموا أسوارا من الشر بين الشعوب، بثوا الكراهية، وافتعلوا الأحقاد، وداسوا حتى على العادات والتقاليد، وطعنوا في الأنساب والأعراض.
جلبوا المرتزقة، وسعوا لنشر الفوضى..
كل ذلك من أجل هذه الدويلة الصغيرة جدا جدا، وهذه القضية التافهة جدا جدا، كما يسمونها، وهي شغلهم الشاغل، وهمّهم في الليل والنهار.. وحديثهم في الخل والترحال.. وقضيتهم في الملتقيات والمنتديات والاجتماعات.. لكن من «الهياط الاجتماعي» إلى «التفحيط السياسي» يجعلهم يقللون من أهمية هذا الأمر الذي سبب لهم المر والمرارة..!
نحن بفضل الله كنا على يقين وسنبقى بأن قطر وقيادتها لم ترتكب شيئا من هذه التهم المزعومة التي لا أساس لها، ولا دليل.. بدليل أن العالم كله يرفض الوقوف إلى جانبهم ولم يقتنع بروايتهم وحتى الذين جاملوهم في البداية عادوا وأصلحوا خطيئتهم..
وقبل كل ذلك متوكلين على الله سبحانه وتعالى
«فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»
«مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ».
«ما خفي أعظم» كان فرصة لاستنباط الدروس وعقد المقارنات، والذين اتهموا قطر في «2017» بالإرهاب هم من خطط للتفجيرات في دوحة الأمن والسلام والاطمئنان، كان كل ذلك قبل ظهور «الجزيرة»، وقبل «العربي الجديد» وعزمي بشارة، وتهم الإرهاب المزعومة.
أطماع قديمة وخيانة متجددة، يغذيها حقد دفين وفكر مريض! والدوحة ردت على هذه الخيانة والتآمر بدعم البحرين وتنميتها.
هكذا هي الصورة: نحنُ نعمر وهم يخربون.
اليوم وبعد بث «?ما خفي اعظم» في جزئه الجزء الثاني عرف العالم إلى أي مدى كان الأمير الوالد يتمتع بالصبر والحلم، رغم أن خصومه استهدفوا رموز البلاد العليا وسعوا لضرب استقرار وطنه، لكن بقلبه الكبير، عفا عنهم، على أمل أن تُطوى تلك الصفحة السوداء إلى الأبد، لكن عند مملكة الخوف وجزيرة القمع وإمارة الشر..القلوب بقيت حاقدة وخائنة وسوداء!?
بات واضحا بما لا يدعو مجالاً للشك، أن قطر هي من صبرت على جيرانها أكثر من «20» سنة، وهم يستهدفونها ويحاولون النيل منها ومن شعبها ومن صدق مواقفها وانحيازها للشعوب العربية والصديقة عبر مساعدات إنسانية وإنمائية وتعليمية وصحية.
هؤلاء هم جيران الغدر والخيانة.
هؤلاء هم الإرهابيون الحقيقيون الذين رصدوا أموال شعوبهم لتفجيرات إرهابية في دولة شقيقة، ليس من حقهم التدخل في شؤونها الداخلية، كما أنها لم تعترض على أي تغيير في بيوت الحكم لديهم.. لكن انكشف المستور وما كان خافيا وهو أن هدفهم كان أكبر من المحاولة الانقلابية, بل كانت عملية تهدف إلى السيطرة على قطر وأرضها وثرواتها وقرارها.
إنه الغدر في أقبح معانيه ومراميه، وكما لم يفلحوا في الماضي، لن يفلحوا اليوم.
ورغم أعمالهم الشريرة، لم تقابلها قطر يوما إلا بالإحسان، ولم تتعامل معها سوى بالصدق والقلوب البيضاء، لكن الغدر شيم اللئام.
فحتى من جندوهم في هذه الأعمال غدروا بهم وقالوا لهم: السياسة ما فيها وجه!
وفعلا هم «ما لهم وجه من قفا» يسيرون في كل الاتجاهات ويتلونون مع كل الخيارات، بهدف الوصول لمطامعهم..!
ولو كان الغدر رجلاً وأراد أن يحتسب بنسبه لقال:
أنا الغدر وأبي الظلم وأخي الإساءة وأختي الخيانة
وعمي الضر وخالي الشر.
هذه صفاتهم وسماتهم وتكتب بعد أسمائهم..!
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول