منذ نعومة أظفارنا وحتى آخر يوم من حياتنا، نعيش وفقاً لبرمجة ذهنية مسبقة، بفعل المجتمع والعائلة والمحيط الخارجي؛ تلعب درواً كبيراً في توجيه قراراتنا، وتحديد سلوكياتنا، ورسم حدود مصائرنا.
الغريب في الأمر، أننا جميعاً ندرك أهمية تنظيم الوقت، وفوائد التأمل غير العادية، وعظمة هدم كل المفاهيم المغلوطة في مقابل بناء مفاهيم جديدة داعمة تضعنا على طريق النجاح، دون أن ننتبه إلى تلك العادة السيئة التي نشترك فيها جميعاً، والتي تعد جزءاً من روتين حياتنا الصباحي، ألا وهي تهميش النفس كلياً، أو انتقاد الذات ولومها على كل الأشياء السيئة.
كل صباح نقف أمام المرآة ناظرين بعين السخط والكراهية تجاه أجسامنا، خصوصاً النساء، حيث بينت الدراسات أن 91 % منهن يمقتن مظهرهن الخارجي، و50 % منا رجالاً ونساء، ليس بوسعهم مجرد النظر إلى أنفسهم في المرآة!
الواقع أنه عندما تقف كل صباح أمام المرأة، فليس لديك سوى تفاعلين لا ثالث لهما: إما ستحظى بتجربة وجدانية إيجابية وعميقة، حيث ستشعر بالسعادة، وتضحك لأي سبب تافه، فتشعر بالرضا؛ أو تبكي بطريقة إيجابية، لتفرغ الضغط النفسي. وفي كلتا الحالتين ستبدأ في إدراك ما يجري في حياتك فعلاً.
في أغلب الحالات ستواجه نوعاً من المقاومة حين تواجه المرآة صبيحة كل يوم، حيث تستحضر ذكريات الماضي المؤلمة سواء كانت صدمة عاطفية، أو تمييزاً عنصرياً، أو إخفاقاً يؤرق مضجعك: كل هذا يقف سيقف بينك وبين المرآة، وهو أشبه بالغبار الذي يفصلك عن رؤية الصورة الحقيقية.
ما يحدث أنك عندما ترى هذا الغبار تقرر أنك لا تستحق الخير، لا تستحق السعادة أو النجاح، وأنك غير محبوب. وتظل تكرر هذا يومياً إلى أن ترى إنساناً مشوهاً وتحدث نفسك قائلاً: «لكل هذه الأسباب، ولكل ما حدث، أنا لا أستحق أن أشجع نفسي، وأرفع يدي مباركاً هذه اللحظة وهذا اليوم».
في العلم هناك مصطلح اسمه «نيوروبكس»، وهو يشير إلى تمارين عقلية تتمثل في حركة جسدية أو هوائية يرافقها مسار تطور عصبي جديد، تعمل على تنشيط الدماغ. وقد بينت الدراسات أن أسرع طريقة لبناء مسارات عصبية جديدة هي استعمال طريقة نيوروبكس..وعليه، قم برفع يدك أمام المرآة كأنما تحيي، وهو شيء لم تقم به من قبل، ثم ادمج تلك الحركة مع فكرة جديدة، لتشعر بمزيد من الترابط والإيجابية مع نفسك، تماماً كما يحدث عندما تقوم بعمل حركة هاي فايف مع شخص آخر تضرب باطن كفك بباطن كفه.
إن هذه الحركة (هاي فايف) لا يمكن أن نفعلها مع شخص لا نحبه، وبالتالي عندما تطبق هذه الحركة مع نفسك، فإن عقلك يبدأ في إعادة برمجة أفكار جديدة إيجابية حول نفسك بدلاً من تلك الأفكار السلبية. وبعد مرور خمسة أيام فقط، ستتخطى النقد واللوم، وتعيد برمجة ذهنك على الحب، والتشجيع، والإيمان، والمرونة مع انعكاسك الخاص على المرآة.
السر في قوة هذه الحركة البسيطة، هو أنك عندما تقوم بعمل (هاي فايف) مع شخص آخر، فإن عقلك يفرز الدوبامين. وبالتالي، حتى أثناء صباح كئيب، عندما ترفع يدك وتحيي نفسك أمام المرآة فستحصل على قطرة من الدوبامين تساعدك على رؤية الأمور بوضوح، والإحساس بتحسن المزاج ومزيد من السعادة.
من أسرار قوة هذه الحركة أيضاً هو أننا نرفع أيادينا دائماً عندما نشعر بالبهجة، حين نحتفل ببلوغ خط نهاية المضمار، عندما ننجح أو نصل إلى حيث نريد، وحين نحيي شخصاً نحبه، أو نشعر بالنصر والفوز. وبالتالي فإن جهازنا العصبي يتعرف على هذه الحركة الاحتفالية مانحاً إيانا دفعة طاقة تساعدنا على تغيير حالتنا النفسية من السلب إلى الإيجاب.
إن هذه الحركة وما يشابهها ليست مجرد حركات جسدية فارغة، وإنما هي رمز للثقة والمشاركة والحب والسعادة، وبالتالي فهي تعزز إحساسك بالنجاح والقوة والبهجة، وتساعدك على إعادة الشراكة مع نفسك. فما الحزن والكآبة والإحساس بالنقص سوى انقطاع في الشراكة مع الذات..لذا، عاهد نفسك كل صباح بعد تنظيف أسنانك مباشرة، ولمدة خمسة أيام متتالية، على أن تقف أمام المرآة وتقول: «كيف سأظهر لهذا الإنسان أمامي اليوم؟»، ثم تقوم بحركة (هاي فايف) رافعاً يدك كأنما تحيي نفسك بحب وسعادة. وانظر كيف ستعمل هذه الطريقة البسيطة على إعادة تشكيل عقليتك بطريقة إيجابية.
www.hamadaltamimiii.com