+ A
A -
مدة رمزية تمر على إعلان الحصار على دولة قطر من قبل ما سمّي بحلف الحصار أو مجموعة الحصار الذي دُشّن بدءا مع قرصنة الوكالة القطرية للإعلام في شهر يونيو الماضي. الأزمة كانت حادة لأنها كشفت خللا بنيويا هائلا في الصرح الخليجي بشكل خاص كما كشفت حجم التهديد الذي كان يتربص دولة قطر. لكن من جهة أخرى تكشف المعطيات التي تظهر تباعا عن أبعاد أخرى للأزمة.
إذا كان الحصار يستهدف دولة قطر فإنه في نظرنا يرمي إلى أبعد من ذلك بكثير جدا. فبعد اتضاح سياق «صفقة القرن» وبيع القدس وإعادة ترسيخ قدم الاستبداد العربي من جديد بعد أن أطاحت ثورات الربيع بأهم أعمدته فإن المستهدف الأبرز في نظرنا هو التمشي القطري أو المنوال السيادي القطري.
الفرق بين الدولة كمجموعة مؤسسات وبين المنوال السيادي يظهر في الفرق بين المؤسسة ووظيفة المؤسسة أو دورها. استهداف قطر يعني استهداف الرؤية القطرية بما هي مجموعة الخيارات الشجاعة والجريئة التي أرست الدولة القطرية الحديثة قواعدها مع سمو الأمير الوالد. نقصد بالخيارات الشجاعة تجربة الإعلام الحرّ الذي تعبر عنه قناة الجزيرة مثلا أو دعم الثورات العربية عبر رفض التآمر عليها واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وغيرها من الخيارات التي جعلت من الدولة الصغيرة نموذجا نوعيا أثار حفيظة حرس الاستبداد.
بناء على ما سبق فلو انخرطت قطر في الإطار الاستبدادي العربي العام لما حُوصرت ولما حدث ما حدث عبر أزمة الخليج. فالمستهدَف إذن هو رؤية قطر وخياراتها السياسية ولا شيء غير ذلك أما تهمة دعم الإرهاب وتمويل الجماعات الإرهابية وغيرها من التهم الجوفاء فهي تهم لا يصدقها حتى صانعوها.
من جهة أخرى ساهمت أزمة الخليج في مزيد من كشف المشهد الذي عرته الثورات العربية بدءا. أي أن المشهد الخليجي الذي نراه اليوم هو فصل من فصول الكشف الكبير الذي أحدثه الربيع العربي بأن عرّى هذه المنطقة من الوطن العربي بفضح طبيعة ودور العوامل فيها. إن انكشاف الأدوار الخطيرة الموزعة بين دول الخليج من دعم للانقلابات واحتلال لليمن وتمرير صفقة القرن وبيع القدس وإهدار ثروات الأمة والتآمر على الدول وعلى سيادتها ونسج الانقلابات والمؤامرات يمثل مرحلة متقدمة من مراحل الكشف الكبير الذي ستنبني على أسسه قاعدة الوعي العربي والجماهيري الجديد.
صحيح أن دولة قطر قد استفادت كثيرا من هذا الحصار وحققت شروط مناعة تاريخية حاسمة لكن المكسب الأكبر كان للجماهير العربية التي صححت فهمها لدور عناصر المكون الخليجي في أزمات المنطقة جميعها.
بقلم : محمد هنيد
إذا كان الحصار يستهدف دولة قطر فإنه في نظرنا يرمي إلى أبعد من ذلك بكثير جدا. فبعد اتضاح سياق «صفقة القرن» وبيع القدس وإعادة ترسيخ قدم الاستبداد العربي من جديد بعد أن أطاحت ثورات الربيع بأهم أعمدته فإن المستهدف الأبرز في نظرنا هو التمشي القطري أو المنوال السيادي القطري.
الفرق بين الدولة كمجموعة مؤسسات وبين المنوال السيادي يظهر في الفرق بين المؤسسة ووظيفة المؤسسة أو دورها. استهداف قطر يعني استهداف الرؤية القطرية بما هي مجموعة الخيارات الشجاعة والجريئة التي أرست الدولة القطرية الحديثة قواعدها مع سمو الأمير الوالد. نقصد بالخيارات الشجاعة تجربة الإعلام الحرّ الذي تعبر عنه قناة الجزيرة مثلا أو دعم الثورات العربية عبر رفض التآمر عليها واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وغيرها من الخيارات التي جعلت من الدولة الصغيرة نموذجا نوعيا أثار حفيظة حرس الاستبداد.
بناء على ما سبق فلو انخرطت قطر في الإطار الاستبدادي العربي العام لما حُوصرت ولما حدث ما حدث عبر أزمة الخليج. فالمستهدَف إذن هو رؤية قطر وخياراتها السياسية ولا شيء غير ذلك أما تهمة دعم الإرهاب وتمويل الجماعات الإرهابية وغيرها من التهم الجوفاء فهي تهم لا يصدقها حتى صانعوها.
من جهة أخرى ساهمت أزمة الخليج في مزيد من كشف المشهد الذي عرته الثورات العربية بدءا. أي أن المشهد الخليجي الذي نراه اليوم هو فصل من فصول الكشف الكبير الذي أحدثه الربيع العربي بأن عرّى هذه المنطقة من الوطن العربي بفضح طبيعة ودور العوامل فيها. إن انكشاف الأدوار الخطيرة الموزعة بين دول الخليج من دعم للانقلابات واحتلال لليمن وتمرير صفقة القرن وبيع القدس وإهدار ثروات الأمة والتآمر على الدول وعلى سيادتها ونسج الانقلابات والمؤامرات يمثل مرحلة متقدمة من مراحل الكشف الكبير الذي ستنبني على أسسه قاعدة الوعي العربي والجماهيري الجديد.
صحيح أن دولة قطر قد استفادت كثيرا من هذا الحصار وحققت شروط مناعة تاريخية حاسمة لكن المكسب الأكبر كان للجماهير العربية التي صححت فهمها لدور عناصر المكون الخليجي في أزمات المنطقة جميعها.
بقلم : محمد هنيد