+ A
A -
بسبب شبهة تطوير وتصنيع الأسلحة الكيماوية قامت الامبراطورية الأميركية بغزو العراق وتدميره في 2003 وقتلت ما يفوق مليوني مدني كما تسببت الحرب في تشريد الملايين وفي خلق جحافل من المعوّقين. ولا تزال حالات الولادات الحديثة المشوهة في مدن مثل الفلوجة ترتفع اليوم بشكل مخيف بسبب القنابل المحرمة بما فيها الكيماوية التي استخدمتها قوات الغزو الأميركي هناك.
اليوم يعيد النظام الطائفي في سوريا ضرب مدن كاملة بالأسلحة المحرمة دوليا بعد أن استعمل هذا السلاح أكثر من مرة في السابق وسط صمت دولي إلا من بعض التهديدات الكلامية لرفع العتب فقط. اليوم تباد مدينة دوما بواسطة السلاح الكيماوي المحرم دوليا ويكتفي العالم بالشجب والتنديد. هاته المرحلة الجديدة في المذبحة السورية المفتوحة منذ أكثر من سبع سنوات ليست في الحقيقة إلا شاهدا حيا على مصائر الشعوب في نهاية مراحل الاستبداد وهي مرحلة تتميز بالخاصيتين أساسيتين:
تتمثل الخاصية الأولى في توحش النظام الاستبدادي العربي الذي بلغ اليوم منتهى صلوحيته وفقد كل شروط وجوده وهو ما يفسر في جزء كبير ردة الفعل العنيفة التي يبديها من أجل البقاء والتشبث بكرسي السلطة. نادرا ما كشف التاريخ الحديث أنظمة متوحشة مثل الأنظمة الاستبدادية التي عرّاها الربيع العربي في سوريا وليبيا ومصر خاصة. هاته الأنظمة كشفت أنها أنظمة استعمارية تعمل بالوكالة المطلقة لقوى استعمارية وهو استنتاج يتأتى من تدخل هذه القوى عسكريا بشكل مباشر عندما يكون نظام الوكيل مهددا بالسقوط مثلما هو الحال في سوريا.
أما الخاصية الثانية فتتجلى في الصمت الدولي المريب حول الجرائم المرتكبة هناك. لقد نصّت كل القوانين والأعراف على حماية المدنية تحت بند ما سمّي «مسؤولية الحماية» وهو بند يفرض على المجتمع الدولي التدخل عسكريا لحماية المدنيين في حال حصول تهديد لحياتهم تحت أي ظرف كان. لكن الصمت الدولي يفضح اليوم تواطؤ المجموعة الدولية والقوى المهيمنة عليها في جريمة الإبادة العرقية التي يتعرض لها الشعب السوري فلقد تحوّل القانون الدولي بل لعله كان كذلك منذ صياغته إلى أداة ووسيلة توظف من أجل غايات استعمارية صرفة.
بناء على ما تقدم فإن الملف السوري ومصير ملايين المدنيين لم يعد بأيديهم بل صار جزءا من لعبة دولية بتواطؤ النظام الاستبدادي العربي عندما يُنهي حكمه ببيع الوطن وتسليمه للمحتل. هذا يؤكد أيضا أن مطلب الحرية الذي نادت به الشعوب العربية في ثوراتها السلمية هو المطلب الوحيد القادر على تحرير الانسان من خيانة الاستبداد ومن جرائم الاستعمار.
بقلم : محمد هنيد
اليوم يعيد النظام الطائفي في سوريا ضرب مدن كاملة بالأسلحة المحرمة دوليا بعد أن استعمل هذا السلاح أكثر من مرة في السابق وسط صمت دولي إلا من بعض التهديدات الكلامية لرفع العتب فقط. اليوم تباد مدينة دوما بواسطة السلاح الكيماوي المحرم دوليا ويكتفي العالم بالشجب والتنديد. هاته المرحلة الجديدة في المذبحة السورية المفتوحة منذ أكثر من سبع سنوات ليست في الحقيقة إلا شاهدا حيا على مصائر الشعوب في نهاية مراحل الاستبداد وهي مرحلة تتميز بالخاصيتين أساسيتين:
تتمثل الخاصية الأولى في توحش النظام الاستبدادي العربي الذي بلغ اليوم منتهى صلوحيته وفقد كل شروط وجوده وهو ما يفسر في جزء كبير ردة الفعل العنيفة التي يبديها من أجل البقاء والتشبث بكرسي السلطة. نادرا ما كشف التاريخ الحديث أنظمة متوحشة مثل الأنظمة الاستبدادية التي عرّاها الربيع العربي في سوريا وليبيا ومصر خاصة. هاته الأنظمة كشفت أنها أنظمة استعمارية تعمل بالوكالة المطلقة لقوى استعمارية وهو استنتاج يتأتى من تدخل هذه القوى عسكريا بشكل مباشر عندما يكون نظام الوكيل مهددا بالسقوط مثلما هو الحال في سوريا.
أما الخاصية الثانية فتتجلى في الصمت الدولي المريب حول الجرائم المرتكبة هناك. لقد نصّت كل القوانين والأعراف على حماية المدنية تحت بند ما سمّي «مسؤولية الحماية» وهو بند يفرض على المجتمع الدولي التدخل عسكريا لحماية المدنيين في حال حصول تهديد لحياتهم تحت أي ظرف كان. لكن الصمت الدولي يفضح اليوم تواطؤ المجموعة الدولية والقوى المهيمنة عليها في جريمة الإبادة العرقية التي يتعرض لها الشعب السوري فلقد تحوّل القانون الدولي بل لعله كان كذلك منذ صياغته إلى أداة ووسيلة توظف من أجل غايات استعمارية صرفة.
بناء على ما تقدم فإن الملف السوري ومصير ملايين المدنيين لم يعد بأيديهم بل صار جزءا من لعبة دولية بتواطؤ النظام الاستبدادي العربي عندما يُنهي حكمه ببيع الوطن وتسليمه للمحتل. هذا يؤكد أيضا أن مطلب الحرية الذي نادت به الشعوب العربية في ثوراتها السلمية هو المطلب الوحيد القادر على تحرير الانسان من خيانة الاستبداد ومن جرائم الاستعمار.
بقلم : محمد هنيد