لم تكن غزوة أحد مجرد جولة ثانية من صراع الحق والباطل، كانت بالنسبة إلى قريش تعني الثأر، أما المسلمون فقد كانوا على موعد مع واحد من أبلغ الدروس في تاريخ الإسلام!
لاحظ النبي ﷺ ميمنة جيش قريش بقيادة خالد بن الوليد، فخشي أن يلتف بفرسانه من وراء الجبل عليهم، فوضع سبعين من الرماة على الجبل، وأصدر إليهم أمرا عسكريا واضحا: لا تبرحوا أماكنكم، إن رأيتمونا نهزم فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا ننصر فلا تشاركونا!
انتهت المعركة بما تعرفون وليس من داعٍ لسردها مجددا، أما الدروس والعبر منها فلا تنتهي ما بقي الليل والنهار، نستشف منها ما أمكن، وننزله على الواقع! فالسيرة ليست قصصا من التاريخ وإنما هي نهج ومنهاج، وخطوات عملية، وسلوك آيل للتنفيذ!
لن يشارك الجميع في القتال مباشرة، ولكن هذا لا يعني أنهم خارج المعركة، وإنما هم عامل هام وحاسم! مطمئن جدا أن يشعر المحارب في الميدان أن ظهره محمي، وأنه ليس وحده، وأنه لن يؤتى من مأمنه!
فلا تبرحوا أماكنكم فإن من في الميدان يحتاجونكم، ولا تعتادوا مشهد موتهم ولو تكرر كل يوم ألف مرة، ولا ترتعشوا، أو تشكوا بنصر الله، معيب أن يثبت من في الميدان على أرض تهتز بأطنان القذائف بينما يهتز من هو في بيته على أرض ثابتة!
انشروا بطولاتهم، فهي بطولاتكم أيضا، نحن أمة واحدة، تحيا معا وتموت معا، وما زرعته يد الله فلن تقلعه يد البشر!
انشروا جرائم الاحتلال، هذا العالم أعور ولكنه ليس أعمى، ثمة عين ترى رغم كل شيء! ثم نحن نحتاج أن نرى، ونتذكر أن هذا العدو يرانا جميعا سواء، وقدر الله أن يكون أهل غزة هم أهل الحرب، ولو كان أي بلد آخر مكانهم لفعل فيه الصهاينة نفس فعلهم!
استمروا في المقاطعة حتى وإن لم يكن هناك بديل، هم صامدون على رغيف يابس وشربة ماء ملوث، فعار علينا ألا نصمد في مقاطعة الكماليات!
علموا أولادكم أنها حرب عقيدة، القرآن في مواجهة التلمود، وأنها معركة ليس فيها منتصف، وأن الحياة مواقف عز!
لا تسمحوا للصهاينة الذين يعيشون بيننا، ويتكلمون بلساننا، بل ويتجهون في صلاتهم إلى قبلتنا، أن ينالوا منهم، أو ينهشوا لحومهم! هم لا يخجلون بباطلهم فلِمَ نخجل نحن بحقنا؟!
وبعد أن تنتهي الحرب بالنصر قريبا بإذن الله ستبدأ معركتنا نحن فأهل غزة قد أدوا ما عليهم!
كل مسجد هدمه الاحتلال سنقيمه!
وكل بيت دمره سنبنيه!
وكل مستشفى عطلها سنعيدها إلى العمل!
وكل مدرسة صارت أثرا بعد عين سنشيد غيرها!
بدل المآتم سنقيم أفراحا ونزوجهم لينجبوا أبطالا فهم يتقنون صناعة الأبطال!
كل صاروخ نقص من ترسانة المقاومة سنعطيها بدلا منه عشرة، وكل قذيفة ياسين أطلقت يجب أن يكون لديهم مائة بدلا منها، سنفعل هذا ولو من ثمن خبز أولادنا، فلولا الله ثم المقاومة لربطنا الصهاينة في المعالف!