نظمت متاحف قطر في مبنى بيت الإكسبو معرضا لعدد من الآثار القديمة الخاصة بالزراعة والتي تساعد في فهم التاريخ القطري القديم، حيث يستطيع الزائر للمعرض العودة بالزمن إلى الوراء، وبالتحديد إلى الحقبة التي سبقت اكتشاف النفط واختراع الوسائل التكنولوجية المتطورة. ويذكر المعرض زواره بالشــوط الكبير الذي قطعــتـه دولــة قطر على صعيد الإنتاج الغذائي على نطاقٍ واسع والأمن الغذائي، فعلى الرغم من أن إكسبو 2023 الدوحة هو معرض دولى يهدف لتسليط الضوء على الابتكار والتكنولوجيا من أجل مساعدة المجتمعات على بناء مستقبل أكثر استدامة، لكن من المهم أيضاً أن يتم تسليط الضوء على الأساليب الزراعية التقليدية التي استخدمها الأجداد لمساعدة البشرية على تحقيق التقدم والتطور.
وسيتعرف الزوار أنه قبل نحو 12 ألف عام من الزمن، أبصرت الأنشطة الزراعــــيـة النــــور فـي بـلاد مـــــا بيـــن النهرين، وساهمت في انطلاق الثورة النيوليثية والانتقال من حياة الترحال إلى نمط حياة مستقر، بينما برزت المياه كعامل جوهري في نجاح الأنشطة الزراعية.
وقبل اكتشاف النفط في العام 1940، كان الشعب القطري يعيش حياة الترحال المستمر بحثاً عن الماء، والغذاء، والمراعي، واكتسبت أشجار النخيل أهمية حيوية بسبب البيئة القاحلة لتصبح هي الأخرى جزءاً مهماً من تاريخ الدولة الزراعي.
كما كان الشعب يعتمد في معيشته على المواشي، بما فيها الجمال، والخراف، والماعز، والأبقار، إلى جانب الأنشطة غير الزراعية مثل الصيد وصيد الأسماك. وفي الجنوب، أدت الجمال دوراً محورياً في النقل، وحمل البضائع، وحتى في تصنيع المعاطف الرجالية.
وكانت أبرز الأنشطة الزراعية تتمحور حول نخيل التمر الذي لطالما كان جزءاً لا يتجزأ من الحضارة العربية، لدرجة أن منظمة اليونسكو اعترفت بالأساليب المستخدمة في زراعته بصفتها جزءاً من التراث الثقافي. وبالرغم من البيئة القاحلة لدولة قطر، فقد ثبتت زراعة أشجار نخيل التمر منذ العصر البرونزي، وذلك للحصول على ثمارها التي تمتاز بالطاقة العالية، ومواد البناء، والصناعات اليدوية. وكان الجزء الأكبر من التمور يُستورد من الخارج نظراً للظروف المناخية القاسية، بينما كانت الجهود الزراعية المحلية محصورة ببساتين صغيرة.
وكشفت الأدلة الأثرية، لا سيما تلك التي تم اكتشافها في منطقة الزبارة، عن وجود 50 معصرة للتمر على الأقل، ما يثبت تصنيع منتجات ثانوية مثل التمور المجففة والدبس، وتم العثور على مقربة من قلعة زكريت على ثلاث معاصر للتمر محفورة في الصخور الشاطئية كانت تُستخدم لاستخراج الدبس الحلو من التمور، ما يؤكد الأهمية التاريخية لزراعة هذه الأشجار في دولة قطر.
ويقول السيد فيصل عبد الله النعيمي مدير إدارة الآثار في متاحف قطر: تشارك المتاحف بـ «إكسبو2023 الدوحة للبستنة» بعدد من الآثار القديمة الخاصة بالزراعة والتي تساعد في فهم التاريخ القطري القديم.
وأضاف النعيمى أن أبرز الادوات الزراعية القديمة المعروضة هي «الجرة» وكانت تستخدم لاستخراج دبس التمر، وكذلك تم عرض «3 محشات» وهي ادوات كانت تسخدم في الزراعة قديما، مشيرا إلى ان المعرض سيستمر لنهاية شهر مارس.