في إحدى مستشفيات سيدني، أعلن الأطباء وفاة المواطن الأسترالي «بيل مورغان»، وأثناء نقله إلى ثلاجة الموتى، وكان قد مضى على إعلان وفاته خمسة عشرة دقيقة، فتح «بيل» عينيه، فأسرع به الممرضون إلى غرفة الإنعاش ليتم إنقاذه، ويتبين فيما بعد أن الأطباء أعلنوا وفاته، لأن قلبه توقف، ولم يستجب لكل محاولات الإنعاش، ولا أحد أمكنه تفسير كيف عاد قلبه إلى العمل! ولكن القصة لم تنته هنا.. عاد «بيل» إلى حياته الطبيعية وقرر أن يشتري بطاقة يانصيب، ففاز بمبلغ سبعة وعشرين ألف دولار! القصة لم تنته هنا أيضًا! صار «بيل» حديث المجتمع، وتهافتت عليه وسائل الإعلام، وإحدى القنوات التي أجرت معه مقابلة، أرادت منه أن يعيد تمثيل مشهد الفوز، فاشترى بطاقة أخرى وكشطها، وإذا به يربح في البطاقة الجديدة الجائزة الكبرى التي قيمتها مئتان وخمسون ألف دولار، وهكذا تحول «بيل» بين عشية وضحاها من جثة فقيرة إلى رجل حي ثري!
عندما سمعت بالقصة أول مرة لم أصدقها، فقدت بدت لي مختلفة وغير منطقية، ولا أعرف ما الذي دفعني لأبحث عنها، وأتثبت من حصولها أم لا، أهو حب الفضول، أم عدم استغرابي من أن تكون بعض مظاهر الحياة غير منطقية، وبالفعل أمضيت قرابة ساعتين أبحث وانتقل من رابط إلى آخر، ليتبين لي في نهاية المطاف أن القصة حقيقية، وأن «بيل» الذي كان في طريقه إلى ثلاجة الموتى عاد إلى بيته وصار رجلاً ثريًا!
ولأنني دومًا أقول: إنَّ حُكمنا على حدث ما يختلف تبعًا للنظرة التي ننظر فيها لهذا الحدث، وجدت في هذا الحدث شيئًا أعمق من قصة تروى في باب الحظ، إنها أمر موغل في العقيدة، تحكي أكثر ما يحفل به الناس ويقلقون بشأنه، ألا وهما الأجل والرزق!
كان للقدر كلام آخر غير كلام الأطباء، «بيل» مازال أمامه عمر يعيشه، لا أحد يستطيع إنهاء حياة مخلوق ما لم يصدر الأمر من السماء بذلك! والسماء لم تقل كلمتها بعد، وأمر الموت لا يسع العقل فهمه ولا تحليله، إن التسليم لله بشأنه هو الشيء الوحيد الذي يجعل الأمر منطقيًا! حدث مرة أن سمعت عن طفل رضيع في منطقتنا شرق بحليب أمه وهي ترضعه، فاختنق ومات! هناك في حضن أمه، أكثر الأماكن على وجه الأرض دفئًا وأمنًا قضى الجبار أن حياة الرضيع انتهت عند هذا الحد! بعد أيام، شاهدت صورة من صور الحرب فيها رجل طاعن في السن يحمل بندقيته، قلت في نفسي يومها: رضيع يموت في حضن أمه ورجل ينجو لسنوات في ميادين الحرب، سبحانك ربي.. لا تُسأل عما تفعل!
وبعيدًا عن موضوع اليانصيب في حله وحرمته، المبلغ الذي حصل عليه «بيل» هو رزقه الذي كُتب له قبل أن يُولد، وما كان يستقيم أن يموت دون أن يحصل عليه.
لو فهمنا الحياة هذا الفهم، أن الأجل مكتوب، والرزق مقسوم، لاسترحنا كثيرًا وأرحنا!
بأبي هو وأمي سيد الناس يريدنا أن نستريح ونريح فيقول: «إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أنّ نَفْساً لنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَكْمِلَ أجَلَها وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها، فاتّقُوا الله وأجْمِلُوا في الطَّلبِ، ولا يَحْمِلنَّ أحَدَكُمُ اسْتِبْطاءُ الرِّزْقِ أنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةِ الله، فإنّ الله تعالى لا يُنالُ ما عِنْدَهُ إلاّ بِطاعَتِهِ».
وما أجمل إيمان الجدات اللواتي يقلن: «اركض ركض الوحوش غير رزقك لن تحوش»!
بقلم : أدهم شرقاوي
عندما سمعت بالقصة أول مرة لم أصدقها، فقدت بدت لي مختلفة وغير منطقية، ولا أعرف ما الذي دفعني لأبحث عنها، وأتثبت من حصولها أم لا، أهو حب الفضول، أم عدم استغرابي من أن تكون بعض مظاهر الحياة غير منطقية، وبالفعل أمضيت قرابة ساعتين أبحث وانتقل من رابط إلى آخر، ليتبين لي في نهاية المطاف أن القصة حقيقية، وأن «بيل» الذي كان في طريقه إلى ثلاجة الموتى عاد إلى بيته وصار رجلاً ثريًا!
ولأنني دومًا أقول: إنَّ حُكمنا على حدث ما يختلف تبعًا للنظرة التي ننظر فيها لهذا الحدث، وجدت في هذا الحدث شيئًا أعمق من قصة تروى في باب الحظ، إنها أمر موغل في العقيدة، تحكي أكثر ما يحفل به الناس ويقلقون بشأنه، ألا وهما الأجل والرزق!
كان للقدر كلام آخر غير كلام الأطباء، «بيل» مازال أمامه عمر يعيشه، لا أحد يستطيع إنهاء حياة مخلوق ما لم يصدر الأمر من السماء بذلك! والسماء لم تقل كلمتها بعد، وأمر الموت لا يسع العقل فهمه ولا تحليله، إن التسليم لله بشأنه هو الشيء الوحيد الذي يجعل الأمر منطقيًا! حدث مرة أن سمعت عن طفل رضيع في منطقتنا شرق بحليب أمه وهي ترضعه، فاختنق ومات! هناك في حضن أمه، أكثر الأماكن على وجه الأرض دفئًا وأمنًا قضى الجبار أن حياة الرضيع انتهت عند هذا الحد! بعد أيام، شاهدت صورة من صور الحرب فيها رجل طاعن في السن يحمل بندقيته، قلت في نفسي يومها: رضيع يموت في حضن أمه ورجل ينجو لسنوات في ميادين الحرب، سبحانك ربي.. لا تُسأل عما تفعل!
وبعيدًا عن موضوع اليانصيب في حله وحرمته، المبلغ الذي حصل عليه «بيل» هو رزقه الذي كُتب له قبل أن يُولد، وما كان يستقيم أن يموت دون أن يحصل عليه.
لو فهمنا الحياة هذا الفهم، أن الأجل مكتوب، والرزق مقسوم، لاسترحنا كثيرًا وأرحنا!
بأبي هو وأمي سيد الناس يريدنا أن نستريح ونريح فيقول: «إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أنّ نَفْساً لنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَكْمِلَ أجَلَها وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها، فاتّقُوا الله وأجْمِلُوا في الطَّلبِ، ولا يَحْمِلنَّ أحَدَكُمُ اسْتِبْطاءُ الرِّزْقِ أنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةِ الله، فإنّ الله تعالى لا يُنالُ ما عِنْدَهُ إلاّ بِطاعَتِهِ».
وما أجمل إيمان الجدات اللواتي يقلن: «اركض ركض الوحوش غير رزقك لن تحوش»!
بقلم : أدهم شرقاوي