أشاد عدد من المواطنين بالحملة التشجيعية التي أطلقها مركز مكافحة التدخين بمؤسسة حمد الطبية، لمكافحة التدخين في المجالس، تحت شعار: «معا لمجالس خالية من التدخين في قطر»، مطالبين بتفعيل الدور المجتمعي في مواجهة آفة التدخين، واستخدام الوسائل الحديثة التي تصل للمجتمع بصورة أسرع وأكثر يسر وسهولة.
وأكدوا في حديثهم لـ «الوطن » أن أولياء الأمور يتحمّلون الجزء الأكبر في تجنيب أبنائهم، أو توجّههم نحو التدخين في سن المراهقة، لذلك من المتوقع أن يكون هنالك دور إيجابي مهم لحملة «مجالس بلا تدخين» باعتبار أن المجالس في قطر من أبرز الأماكن المغلقة والملتقيات المجتمعية للتعرض للتدخين والتدخين السلبي.
توصيل الرسالة
بداية يقول الخبير التربوي د. ناصر المالكي، إن حملة «مجالس بلا تدخين» مبادرة في حد ذاتها رائعة للغاية، ومحاولة إيجابية للحد من انتشار ظاهرة التدخين، حيث يمكن للحملة أن تعمل على تغيير ثقافة راعي المجلس، من خلال تعريفه بأن التدخين داخل مجلسه يضر بالآخرين، ويمكن الاستعانة بالمقربين منه لتوصيل هذه الرسالة، بطريقة حضارية تراعي خصوصية رواد المجلس من الضيوف والزائرين، وبعد إقناعهم بالفكرة يجب إزالة الطفايات والأمور التي تساعد على التدخين في المجلس. وشدد المالكي على ضرورة حماية طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية من التدخين في المقام الأول، معربا عن آمله في إصدار قرار صارم ضد كل من يدخن مع أبنائه في السيارة، بحيث لا تركز كاميرا رصد المخالفات على حزام الأمان واستخدام الجوال فقط، وإنما تقوم برصد الأب الذي يدخن في سيارته أثناء توصيل أبنائه للمدرسة أو عودتهم منها، وبالتالي تعريض حياتهم لخطر التدخين السلبي، خصوصا في ظل ظهور منتجات جديدة مثل السجائر الإلكترونية، والسويكة الأوروبية وغيرها.
تضافر الجهود
ومن جانبه توقع الناشط المجتمعي حسن حاجي، أن تؤدي حملة «مجالس بلا تدخين» الغرض منها، وتحقق النجاح المرجو في توعية المجتمع بمخاطر التعرض للتدخين والتدخين السلبي، مؤكدا أن الحملة التي أطلقها مركز مكافحة التدخين بحمد الطبية تستدعي تضافر كافة الجهود للحد من التدخين، وتقليل أعداد المدخنين التي تتزايد في الفئات العمرية الصغيرة، ما يستدعي ضرورة استحداث حملات توعوية والبحث عن كيفية الوصول المباشر للجمهور للتعريف بمخاطر وأضرار التدخين على الصحة والمجتمع.
ودعا حاجي إلى زيادة أعداد العيادات الخاصة بالإقلاع عن التدخين لتشمل كافة المراكز الصحية، وإتاحة الفرصة للمدخنين بمراجعتها في الفترتين الصباحية والمسائية وعدم اقتصارها على فترة واحدة، مطالبا بالاستعانة بالمبادرات الشبابية خلال الحملات التوعوية، حيث إن دور الشباب مهم في إيصال المعلومة واستقطاب أصدقائهم وأقاربهم، ما يحقق فائدة كبيرة لخفض نسبة المدخنين، خاصة بين الشباب، فضلاً عن الاستغلال الأمثل لموسم التخييم، وزيارة تجمعات الشباب، ووضع نافذة للتعريف بأضرار التدخين، وكيفية الوصول إلى عيادات الإقلاع عن التدخين.
عادة مكتسبة
ومن ناحيته يؤكد مدرب المهارات الحياتية محمد الأحرق، على أهمية الحملة التي أطلقها مركز مكافحة التدخين بمؤسسة حمد الطبية، مشيرا إلى أن التدخين عادة سيئة تبدأ بلعبة التقليد وتنتهي بالإدمان وضعف الإرادة، وهي عادة مكتسبة، لافتا إلى أن الأطفال حين يرون آباءهم ممسكين بالسيجارة في المجالس أمام أنظارهم تعلَق تلك الصورة في أذهانهم، وينتظرون اليوم الذي يستطيعون فيه تطبيق ذلك وتقليدهم كما يفعل الكبار، وهكذا هي لعبة التدخين، تصبح عادة وإدماناً يكتسبها جيلٌ بعد جيل.
وأشار الأحرق إلى أهمية الاستفادة من وسائل التواصل والاستعانة بالمشاهير والشخصيات العامة في تلك الحملات لما لهم من دور مؤثر لفئة كبيرة من المتابعين، فضلا عن تضافر جهود الأسرة والمؤسسات التعليمية والمساجد وأجهزة الإعلام للحد من ظاهرة التدخين، خاصة بين الشباب واليافعين من طلاب المدارس والجامعات وتوعية أولياء الأمور عبر ورش العمل والمحاضرات والمؤتمرات الطبية والاجتماعية والتربوية، حتى يدرك المدخن عدم الإضرار بغيره، خاصةً أن التدخين السلبي تدخين غير مباشر؛ لذا هو يشكل خطراً صريحاً وكبيراً على صحة الفرد.
حملة تشجيعية
بدوره كان قد أوضح مدير مركز مكافحة التدخين، الدكتور أحمد محمد الملا، أن الحملة التشجيعية «مجالس بلا تدخين» ستتضمن تقديم طلبات من المجالس التي ترغب بالمشاركة من خلال التعهد بالتزام أصحاب المجالس بشروط الحملة التي يتخللها عمليات رصد وتقييم وزيارات فحص مفاجئة مجدولة وغير مجدولة للمجالس المسجلة؛ لضمان الامتثال لتعليمات الحملة، وتقييم وتقدير مستوى امتثال مقدم الطلب أو صاحب المجلس من خلال الملاحظة المباشرة والتحقق من قائمة المتطلبات المدرجة في نموذج معلومات الزيارة، حيث سيتم كل شهر تكريم مجلس واحد من المجالس المشاركة.
وأوضح د. الملا أن المجالس من أبرز الأماكن المغلقة والملتقيات المجتمعية للتعرض للتدخين والتدخين السلبي، ومن هذا المنطلق نرى أهمية البدء في هذه الحملة، التي نأمل من خلالها تقليل عدد المجالس التي يتم التدخين بها، وهو هدف حملة معا لمجالس خالية من التدخين، مشيرا إلى أن مثل هذه الحملات التوعوية تهدف إلى نشر المعلومات والرسائل الصحيحة حول قضية التدخين، والحد من زيادة معدلاته بين أفراد المجتمع، خصوصا في الأماكن المغلقة التي اعتادوا الجلوس فيها كالمجالس، منوها بأنه على الرغم من تنفيذ العديد من الحملات التوعوية والبرامج الوقائية لمكافحة التدخين، إلا أن استهلاك التبغ لا يزال يعد أحد التهديدات للصحة العامة في المجتمع، حيث تعد حملة معا لمجالس خالية من التدخين في قطر الحملة الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، وتهدف إلى المحافظة على الأماكن المغلقة خالية من التدخين مثل الجامعات والهيئات الحكومية والأندية الرياضية ومراكز التسوق والمطاعم وغيرها.
أرقام وإحصائيات
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن أكثر من «25.2» بالمائة من السكان البالغين في قطر يستخدمون منتجات التبغ يوميا، منهم «43» بالمائة من مدخني السجائر و«21» بالمائة من مستخدمي الشيشة، حيث يقع على عاتق مركز مكافحة التدخين بمؤسسة حمد الطبية تقديم الخدمات العلاجية للمدخنين ومستخدمي كافة أنواع التبغ، بالإضافة إلى القيام بالأنشطة التوعوية في المدارس والجامعات والمراكز التجارية ومؤسسات الدولة الحكومية وشبه الحكومية، وعقد اللقاءات المعلوماتية والتوعوية مع عدد من الإدارات الصحية والجمعيات العلمية، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ونجح مركز مكافحة التدخين في تقديم المساعدة العلاجية للراغبين بالإقلاع عن التدخين بنسبة بلغت خمسة وثلاثين بالمائة، وذلك عبر توعية الناس وتذكيرهم بأضرار التدخين والتسويف في الإقلاع عنه، من خلال شرح قصص ضحايا التدخين والعديد من الوسائل التوعوية وجهاز قياس غاز أول أكسيد الكربون السام لدى المدخنين، حيث يلاحظ المدخن بنفسه مستوى هذا الغاز بجسمه، كما يتم توعية الناس بمزايا الإقلاع المبكر عن التدخين وخطورة التأخر في ذلك، فضلا عن تصحيح كثير من المعتقدات الخاطئة حول استخدام منتجات التبغ والتدخين وخاصة الحديثة منها كالتبغ المسخن وأكياس النيكوتين والسجائر الإلكترونية.
عيادات متخصصة
وتفيد المعطيات كذلك بالتوسع في عدد عيادات الإقلاع عن التدخين بمراكز الرعاية الصحية الأولية، حيث بدأت في عام 2011 بعيادة واحدة في مركز صحي واحد، وتوسعت حتى وصلت «16» عيادة في مراكز صحية مختلفة بحلول عام 2023، كما أن عيادات الإقلاع عن التدخين بالمراكز الصحية يمكن حجز موعد فيها بغض النظر عن مكان الملف الصحي للشخص المدخن الراغب في العلاج، من خلال أماكن تلك العيادات الواقعة في الغرافة، وعمر بن الخطاب، والظعاين، وأبو بكر الصديق، وروضة الخيل، والرويس، ولعبيب، والوكرة، وجامعة قطر، والوعب، والوجبة، والسد، والمشاف، وأم تسنيم، وأم صلال، ومسيمير.
وتكون متابعة المريض من خلال عدة زيارات تمتد لأربعة أشهر، يكتشف من خلالها نسبة استجابة المريض للعلاج وتطور مرحلة الشفاء من خلال قياس نسبة أول اكسيد الكربون في الرئة اثناء الشهيق والزفير، وقياس مدى اعتماد جسمه لمادة النيكوتين، وترتكز الفترة العلاجية على محورين الأول عبر تغيير النمط السلوكي للمدخن بابتعاده عن عادة التدخين والأسباب المهيئة للتدخين وتشجيع المريض بالبدء في الإقلاع، والاستمرار به من خلال التوعية والنصح واتباع الأساليب الصحية بتغيير أسلوب الحياة، واتباع أسلوب ونمط صحي كالرياضة والتغذية السليمة والابتعاد عن الجهد والضغط؛ والمحور الثاني هو العلاجي ويكمن في توفير الأدوية المناسبة للإقلاع عن التدخين والتي تغطي حاجة المدخن للنيكوتين و(تسمى بدائل النيكوتين).