+ A
A -
طلال أبوغزالة مفكر عربي

يعد الإنفاق العام أحد أهم السياسات الاقتصادية التي تعتمد عليها الحكومات بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة. يتركز تأثير الإنفاق العام على مكونات الناتج المحلي، مما يسهم في إحداث تغييرات هامة في المقدرة الإنتاجية والطلب الكلي، مما يجعله أداة حيوية في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.

وتتعلق فعالية الإنفاق العام بشكل كبير بزيادة المقدرة الإنتاجية للمجتمع. يتسبب الإنفاق الاستثماري في تكوين رأس المال الثابت، مما يعزز قدرة المجتمع على إنتاج سلع وخدمات بشكل أفضل. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الإنفاق الاستهلاكي دورًا في تحفيز الإنتاج وتحفيز القطاعات المختلفة.

وتظهر أهمية الطلب الكلي في تحقيق نمو اقتصادي مستدام حيث يسهم الإنفاق العام بشكل كبير في زيادة الطلب الكلي، مما يدفع باتجاه زيادة الإنتاج والتوظيف، يعكس ذلك تأثير الإنفاق الحكومي على تحفيز الاقتصاد وتعزيز الأداء الاقتصادي على المدى الطويل.

وهنا أود الإشارة إلى نموذج Barro (1990) والحجم الأمثل لتدخل الحكومة في الاقتصاد، يُعتبر نموذج Barro (1990) أحد الأطُر النظرية التي تسهم في تفسير تأثير الإنفاق العام على النمو الاقتصادي، ويسلط الضوء على الضرورة الحيوية لتحديد حجم التدخل الحكومي بطريقة تعزز التوازن وتحقيق أقصى استفادة. يستند هذا النموذج إلى فكرة أن الإنفاق العام يصبح فعالًا، عندما تكون الإنتاجية الحدية له متساوية للتغير في الإنتاج الاقتصادي. ويشير مفهوم الإنتاجية الحدية، إلى الزيادة في الإنتاج نتيجة لزيادة في الإنفاق العام، يعتبر النموذج أن الإنتاجية الحدية للإنفاق العام هي المعيار الذي يُقيم به فعالية التأثير على الاقتصاد. ويقترح النموذج ضرورة تحقيق توازن بين الإنفاق العام والتغير في الإنتاج، عندما تكون الإنتاجية الحدية للإنفاق العام متساوية لتغير الإنتاج، يكون التدخل الحكومي فعّالًا، وفي حالة عدم تحقيق هذا التوازن، قد يؤدي الإنفاق العام إلى تشويش في التوازن الاقتصادي. ويشدد النموذج على أهمية تحديد حجم الإنفاق العام بطريقة متزنة؛ لذلك يتعين على الحكومة أن تكون حذرة في توجيه الإنفاق بحيث يكون له تأثير إيجابي على النمو دون أن يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية، يتطلب ذلك دراسة دقيقة للتأثيرات الاقتصادية المتوقعة وضبط حجم الإنفاق وفقًا لها.

وبالتالي من الضرورة استخدام الإنفاق العام بشكل ذكي ومتزن؛ بحيث يتيح ذلك للحكومات تحقيق أقصى فائدة من التأثير الاقتصادي للإنفاق، مما يعزز النمو المستدام ويحسن مستويات الرفاه، ويُظهر تفاعل الإنفاق العام مع المقدرة الإنتاجية والطلب الكلي أهمية توجيه السياسات الحكومية بحذر لضمان تحقيق التوازن بين الاستقرار الاقتصادي والاستدانة المستدامة. بالتالي، يتعين على الحكومات أن تسعى إلى تنظيم الإنفاق العام بطريقة تعكس احتياجات المجتمع وتعزز التنمية الاقتصادية في الطويل الأمد.

copy short url   نسخ
27/12/2023
470