تتعالى التصريحات سريعة في الإعلام الصهيوني عن اللقاءات المصيرية التي تعقدها سلطات الكيان مع مسؤولين عرب ومسلمين رفيعي المستوى من أجل التطبيع العلني مع دولة الاحتلال. آخر التصريحات تتعلق بلقاء ولي العهد السعودي مع قيادات يهودية صهيونية في الولايات المتحدة خلال زيارته الأخيرة وهي الزيارة التي طلب فيها من الفلسطينيين القبول بالعروض الصهيونية أو الكف عن الشكوى.
التصريحات كانت صادمة حتى للقيادات اليهودية نفسها التي لم تكن تتصور أن يصل التنازل العربي عن الثوابت إلى هذه المرحلة التي وصل إليها خاصة من دولة محورية مثل المملكة العربية السعودية. التصريحات السعودية من جهة مقابلة لا تلزم إلا النظام السياسي لأنها لا تعبر عن رأي الشعب العربي المسلم في المملكة ولا عن عموم المسلمين وهو ما يفسر صمت المملكة عن هذه اللقاءات وسكوتها عن مسار التطبيع الذي بدأ يخرج للعلن. لقد سبق أن أُعلن منذ وصول الرئيس الأميركي ترامب عن «صفقة القرن» وعن نقل السفارة الأميركية إلى القدس وحتى عن مشاريع أخطر تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء التي شرع النظام المصري منذ مدة في إفراغها من سكانها.
لكن اللافت للنظر في الخطاب الإعلامي السعودي وخاصة تصريحات وزير الخارجية أو حتى تصريحات وليّ العهد هو التركيز على الورقة الإيرانية والخطر الإيراني والتهديد الإيراني. إيران في الخطاب الرسمي السعودي تكاد تكون خبزا يوميا عليها يؤسس النظام شرعيته بما هي شرعية تحمل شروط التصدي لهذا التهديد.
لكن قراءة التاريخ القريب للعلاقات السعودية الإيرانية يكشف غير ذلك. فقد قامت المملكة منذ وصول الملك الجديد وتسلم ابنه ولاية العهد باستقبال قيادات إيرانية وعراقية كثيرة محسوبة على النظام الإيراني وهو ما يكشف وجود علاقات غير معلنة بين البلدين قد تخرج للعلن يوما ما. لكن الأخطر من كل ذلك هو أن الخطاب السعودي الذي يركز على الخطر الإيراني ينسى أن التمدد الإيراني لم يكن له ليكون لولا النظام الرسمي العربي الذي ساهم عن قصد أو عن غفلة في انهيار البوابات العربية واحدة تلو الأخرى. ألم تساهم السعودية وكل الدول العربية تقريبا في دعم غزو العراق؟ ألم تترك السعودية اليمن فقيرا معدوما لتجد فيه إيران موطئ قدم؟ ألم تسكت السعودية عن جرائم الأسد عقودا ومنعت سقوطه؟
الورقة الإيرانية ليست في الحقيقة إلا ورقة التوت التي تغطي عجز النظام الرسمي العربي وليست إلا كالباحث عن شماعة يعلق عليها فشله ويكسب بها مزيدا من الوقت. بل هي تكشف خللا كبيرا في التعامل الدبلوماسي الذي يقتضي تفكيك الألغام لا تغطيتها بالتراب.
بقلم : محمد هنيد
التصريحات كانت صادمة حتى للقيادات اليهودية نفسها التي لم تكن تتصور أن يصل التنازل العربي عن الثوابت إلى هذه المرحلة التي وصل إليها خاصة من دولة محورية مثل المملكة العربية السعودية. التصريحات السعودية من جهة مقابلة لا تلزم إلا النظام السياسي لأنها لا تعبر عن رأي الشعب العربي المسلم في المملكة ولا عن عموم المسلمين وهو ما يفسر صمت المملكة عن هذه اللقاءات وسكوتها عن مسار التطبيع الذي بدأ يخرج للعلن. لقد سبق أن أُعلن منذ وصول الرئيس الأميركي ترامب عن «صفقة القرن» وعن نقل السفارة الأميركية إلى القدس وحتى عن مشاريع أخطر تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء التي شرع النظام المصري منذ مدة في إفراغها من سكانها.
لكن اللافت للنظر في الخطاب الإعلامي السعودي وخاصة تصريحات وزير الخارجية أو حتى تصريحات وليّ العهد هو التركيز على الورقة الإيرانية والخطر الإيراني والتهديد الإيراني. إيران في الخطاب الرسمي السعودي تكاد تكون خبزا يوميا عليها يؤسس النظام شرعيته بما هي شرعية تحمل شروط التصدي لهذا التهديد.
لكن قراءة التاريخ القريب للعلاقات السعودية الإيرانية يكشف غير ذلك. فقد قامت المملكة منذ وصول الملك الجديد وتسلم ابنه ولاية العهد باستقبال قيادات إيرانية وعراقية كثيرة محسوبة على النظام الإيراني وهو ما يكشف وجود علاقات غير معلنة بين البلدين قد تخرج للعلن يوما ما. لكن الأخطر من كل ذلك هو أن الخطاب السعودي الذي يركز على الخطر الإيراني ينسى أن التمدد الإيراني لم يكن له ليكون لولا النظام الرسمي العربي الذي ساهم عن قصد أو عن غفلة في انهيار البوابات العربية واحدة تلو الأخرى. ألم تساهم السعودية وكل الدول العربية تقريبا في دعم غزو العراق؟ ألم تترك السعودية اليمن فقيرا معدوما لتجد فيه إيران موطئ قدم؟ ألم تسكت السعودية عن جرائم الأسد عقودا ومنعت سقوطه؟
الورقة الإيرانية ليست في الحقيقة إلا ورقة التوت التي تغطي عجز النظام الرسمي العربي وليست إلا كالباحث عن شماعة يعلق عليها فشله ويكسب بها مزيدا من الوقت. بل هي تكشف خللا كبيرا في التعامل الدبلوماسي الذي يقتضي تفكيك الألغام لا تغطيتها بالتراب.
بقلم : محمد هنيد