+ A
A -
أحيا العالم في 21 من سبتمبر الجاري «اليوم العالمي للسلام». وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد وضعت، في العام 2015، لائحة للتنمية المستدامة، تضمنت سبعة عشر هدفًا، انطلاقًا من فكرة أن بناء عالم ينعم بالسلام لا يمكن أن يقوم بدون القضاء على المشكلات الأساسية التي تعاني منها البشرية، كالفقر والجوع والصحة والتعليم والمشكلات البيئية وتوفر المياه والتمييز وغياب العدالة وغيرها الكثير. وقد اختير عنوان لهذا اليوم في العام الحالي هو: «الحق في السلام».
تنص المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمان على شخصه، لكن الحق في السلام مصطلح لم يحظَ بأن يكون مادة منفصلة في الإعلان، وقد طرحت الأمم المتحدة وسمًا من أجل المشاركة في الآراء أو الرد على سؤال ماذا يعني لكم مصطلح «الحق في السلام»؟ شاركونا آراءكم من خلال الوسم #PEACEDAY والوسم #STANDUP4HUMANRIGHT، وندعو الجميع، قبل حلول هذه المناسبة في 21 سبتمبر - إلى العمل. ويمكنكم دعم الهدف 16 المتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات القوية من خلال السعي إلى حل الخلافات والنزاعات التي تنشأ في محيطكم سلميًا. باستطاعتكم أن تكونوا أجزاء من الحلول، من خلال اتخاذ خطوات صغيرة. وبإمكانكم وقف الظلم في مدرستكم أو في محيطكم من خلال انتهاج منهج سلمي في حل المشكلات، والإبلاغ عن الجرائم المحتملة، بما في ذلك التنمّر على الإنترنت.
أمام صيغ من هذا القبيل، يقف المرء مذهولاً، بسبب المفارقات الصارخة المؤلمة والمهينة لشعوب مظلومة منتهكة كثيرة، تمارس عليها التنمر أنظمة عديدة، معظمها عضو أو مؤسس في الجمعيات والمنظمات الدولية التي تطرح شعاراتٍ من هذا النوع، تبدو، في ظاهرها، تنحو نحو حماية المجتمع البشري، واحترام إنسانية أفراده، لكن الواقع مغاير بنسبة كبيرة.
أين حصة شعوب منطقتنا من السلام المنشود؟ أين الضمير العالمي مما يحدث منذ ثماني سنوات في سوريا؟ سوريا التي أنهكتها الحرب، ومازالت مرميةً في ساحات تقاطع النيران وتضارب المصالح وبازارات المساومة السياسية، تتقاسم أرضها وسماءها الدول الضالعة في الحرب، ضاربة عرض الحائط بكل الحقوق التي تتبجح بها، مدعية حماية الشعب، والشعب يموت ويشرد، وتُقنص أحلامه وأحلام أجياله القادمة.
لم يكن الشعب السوري، قبل محنته، حاصلاً على حقوقه الإنسانية، كانت حياته معاناة مستمرة، وحقوقه منقوصة أو مستلبة، في أبسط أشكالها، انتفض لأجل كرامته، ولأجل حقه في السلام، فاجتمعت عليه تلك القوى، وحرمته حلمه في الحرية قبل أي شيء، ثم أديرت الحرب بحجة محاربة الإرهاب، حتى صار الشعب يمارس الإرهاب بحق بعضه بعضا، مكرهًا ومدفوعًا إلى خيارات مفروضة عليه، يتطلع إلى الخلاص من مستنقع الدم في الدرجة الأولى.
تتجه كل الأنظار اليوم نحو إدلب، أو بالأحرى نحو الحراك السياسي والدبلوماسي النشط حول قضية إدلب، وكيفية حلها من دون إزهاق مزيد من أرواح السوريين، يلتمسون بارقة أمل تعد بأن المعركة الكبرى لن تحصل، أما ما بعدها فليس في الإمكان التفكير به، أو التكهن بما ستؤول إليه الأمور. تعب السوريون، وأوشكت حياتهم على أن تتساوى مع الموت، فقدوا القدرة على الأمل، أخمّن أن في صدر كل سوري كمًّا كبيرًا من الضغينة تجاه كل القوى المحتلة أرضه وأحلامه وسيادته، لكنه مجبرٌ ومكره على الاختيار، ليس رغبة في الاختيار، بل لكل فئةٍ من الشعب أسبابها، لترجّح كفة محتل على آخر، لأنهم بحاجةٍ إلى غطاء أو سند تجاه خطر محدقٍ لم يعودوا قادرين على تحديده، فالتضليل المسبوق والمواكب للعنف الجبار الذي يتعرّض له جعل منه كائنات تبحث عن ملاذات فقط، لتحتمي من التغول الممارس عليها وبحقها.
لكن من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، تلك التي تشكل الفضاء الوحيد الذي يستطيع السوريون التنفيس عن صدورهم، وإفلات غضبهم، من خلاله، يلمس حالة الاستنكار والأسئلة التي تضع الجميع في موقع الاتهام وتحمّل المسؤولية.
copy short url   نسخ
26/09/2018
967